اقتصاد ومال

العجز مقبل… ما لم نتدارك.

قدّمت وزارة المالية ميزانية الكويت لعام 2023 – 2024، حيث تضمّنت عجزاً يتجاوز 5 مليارات دينار كويتي، وسيصل إجمالي الإيرادات إلى 19.452 مليار دينار كويتي، وإجمالي النفقات إلى 26.278 مليار دينار، حسب توقعات الوزارة. والإيرادات النفطية المتوقعة خلال السنة المالية المقبلة تصل الى 17.168 مليار دينار بانخفاض بنسبة 19.5 في المئة، مقارنة بالعائدات النفطية في السنة المالية السابقة، وبلغ متوسط سعر البرميل في الموازنة 70 دولاراً. والإنتاج 2.6 مليون برميل نفط يومياً. والإيرادات المتوقعة تبلغ 19.5 مليار دينار يشكل النفط 88 في المئة منها، والمرتبات والدعوم تمثل نسبة 80 في المئة من المصروفات!

وهذه الأرقام تمثل خطراً حقيقياً، ونحن نرى العالم بدأ يقلل من اعتماده على النفط، مع ذلك نزيد في المصروفات بشكل غير منطقي، مثل ما حصل مع الصفوف الأمامية لغير الأطباء والعاملين في الجهاز الطبي، تخيل أكثر من 60 في المئة من الموظفين هم صفوف أمامية حسب التقديرات بينما العاملون أثناء جائحة كورونا كانوا 30 في المئة من موظفي الدولة! وكذلك بيع الإجازات من مبلغ 300 مليون دينار تحول إلى مليار دينار!

إنّ ما يحدث هو مشروع إفلاس ما لم نتدارك الوضع ونقلل من المصروفات والاعتماد على النفط ونزيد من أموال الصناديق السيادية لنستعد للمستقبل. يجب مراجعة الكثير من المصروفات خصوصاً مشروع «عافية» وتقييمه إذا كانت هناك مستشفيات حكومية مجانية لماذا هذا الصرف على المشروع، ولدينا جامعات وبعثات خارجية لماذا هناك بعثات داخلية، والغريب أن معظم البعثات لتخصصات لم يعد سوق العمل بحاجة إليها مثل تخصصات الهندسة.

لماذا يجب علينا أن نقلق؟ لأن أسعار النفط غير ثابتة والتاريخ خير شاهد على ذلك، ففي الفترة من عام 1948وحتى نهاية الستينات كان سعر البرميل 3 دولارات تخيّل!، ثم ارتفع سعر النفط عام 1974 أربع مرات متجاوزاً 12 دولاراً للبرميل، واستقرت أسعار النفط العالمية خلال عام 1974 وحتى 1978 ما بين 12 و13 دولاراً للبرميل، وبسبب الحرب العراقية – الإيرانية ارتفع سعر برميل النفط في عام 1978 إلى أكثر من 35 دولاراً للبرميل، وفي عام 1986 انهارت الأسعار إلى أقل من 10 دولارات للبرميل، وعام 1999 صعد سعر البرميل ليصل إلى 25 دولاراً للبرميل، وعام 2005 وصلت الأسعار إلى 78 دولاراً للبرميل، بعد ذلك شاهدنا الأسعار القياسية التي تجاوزت 100 دولار للبرميل ثم النزول، واليوم يتراوح بين 70 و 80 دولاراً.

وللعلم، الكويت تعتبر من أكثر الدول الخليجية في الملاءة المالية، ولكن تلك الدول أفضل من الجانب الاقتصادي والاستفادة من رأس المال البشري. ونحتاج إلى إدارة حصيفة لهذه الأموال وليس التعيين على حسب الولاء أو نقدمها كفواتير سياسية كما كانت في السابق، المال الذي لدينا لو استثمرناه بطريقة صحيحة فسيوفر لنا مستقبلاً أفضل واستدامة للأجيال القادمة لسوق العمل وهناك 500 ألف خريج خلال العشر سنوات المقبلة.

يجب وضع معايير جديدة توحد سلّم الرواتب للوظيفة نفسها في مختلف الجهات الحكومية، ويكون التفاوت على حسب الجهد الذي يقدم، والذي يعمل ويقدم أكثر تكون له المفاضلة والأولوية في زيادة راتبه وأخذه للمكافآت، ومطلوب إيجاد حل جذري لمشكلة الكوادر.

لا قيمة للتشاؤم أو التفاؤل إذا لم يكونا صادرين من خلال دراسات وتحاليل للواقع وقراءة المعلومات جيداً من خلال المعطيات الظاهرة والخافية.

إنّ التفاؤل لا يكون إلّا عند استنفاد جميع الجهود ونضع الرجل المناسب في المكان المناسب، بعد ذلك يحق لنا أن نتفاءل، ونقول للناس تفاءلوا.

إنّ شباب الكويت فيهم الخير والبركة وهم قادرون على النهوض إنْ أُعطيت لهم الفرصة، وهم قادة القطاع الخاص.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى