الطوابير.. در إلى قصور المسؤولين

صلاح سلام- اللواء
يبدو أن أزمة الطحين والرغيف في طريقها لتلحق بأزمة الكهرباء، لتسير على نهج أزمة المحروقات السيئة الذكر في الصيف الماضي، والتي إنتهت بعد طول معاناة برفع الدعم تدريجياً عن البنزين والمازوت، ورفع أسعارهما بشكل صاروخي ، مما أدّى إلى إرتفاع أسعار السلع الغذائية والحاجيات الضرورية بشكل جنوني، وعلى مرأى ومسمع من وزارة الإقتصاد والدوائر الرسمية المعنية الأخرى.
إطلاق العنان للسوق السوداء للتحكم بسعر ربطة الخبز يعني أن الحكومة تُمهد لرفع الدعم عن الطحين، وفرض الأسعار الخيالية على الناس الذين يئنون أصلاً من صعوبة الحصول على رغيف عيالهم حتى بالسعر المدعوم، فكيف سيكون الحال عندما يصبح الطحين رهينة الإحتكار البشع، ومادة جديدة للربح الجشع.
المنظومة الحاكمة مستمرة بمسلسل التخلي عن مسؤوليتها الرعائية لمواطنيها، عبر رفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية، دون أن تُكلف نفسها عناء البحث عن سبل ناجعة لتصحيح الأجور، أو العمل على تمكين الناس من الحصول على قسم من أموالهم في المصارف، ليتمكنوا من توفير الحد الأدنى من متطلبات معيشتهم اليومية، ومواجهة موجات الغلاء المستفحل دون رادع أو رقيب.
وفي الوقت الذي يتم فيه مضاعفة سعر ربطة الخبز عشرة مرات تقريباً، وتخضع تعرفة الإتصالات لسعر الدولار في السوق السوداء، متجاوزة تسعيرة الدولار المعتمدة للمودعين والمحددة ب ٨ آلاف ليرة لكل دولار، ينبري نائب رئيس الحكومة ورئيس اللجنة الوزارية سعادة الشامي ليكرر تأكيده من جديد أن الودائع لحدود مئة ألف دولار تبقى مضمونة لأصحابها، على أن يطال «الهير كات» الودائع التي تتجاوز هذا الرقم، حتى ولو كانت للمتعاقدين من موظفين وعسكريين، وهي مصدر معيشتهم في خريف عمرهم.
الطوابير التي إنتقلت من محطات المحروقات إلى الأفران، يجب أن تتوجه إلى قصور الحكام والمسؤولين، على الطريقة السريلانكية، لأن آخر الدواء الكي مع هذه العصبة المعدومة الإحساس بالحد الأدنى بالمسؤولية، وبمعاناة هذا الشعب المعذب.