الضم الضمني بحضور ميرتس

خلال اجتماعه مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس الذي يزور إسرائيل لأول مرة منذ توليه منصبه قبل سبعة أشهر، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عما يخفيه هو وحكومته تجاه مستقبل الضفة الغربية المحتلة، من أن إسرائيل لن تتخلى عن السيادة الأمنية الكاملة على المنطقة الممتدة من نهر الأردن حتى البحر الأبيض المتوسط، أي السيطرة على كامل الضفة الغربية، وبمعنى آخر الإصرار على ضمها، فالسيطرة الأمنية الكاملة تعني السيطرة على الأرض، أي الضم من دون إعلان. ومع ذلك، أعلن نتنياهو أن «الضم السياسي لا يزال قيد النقاش»، أي أن الضم الرسمي وارد في أي لحظة، على الرغم من الضمانات التي قدّمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقادة الذين اجتمع بهم خلال قمة شرم الشيخ، بأن إسرائيل لن تضم الضفة الغربية.
اللافت أن اجتماع نتنياهو وميرتس تم في القدس وليس في تل أبيب، وهذا يعني أن ألمانيا تعترف ضمناً بضم إسرائيل للمدينة باعتبارها عاصمة لها، إضافة إلى المواقف التي أعلنها من هناك حول «الوقوف الثابت إلى جانب هذا البلد، وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، أي حقها في ارتكاب ما ارتكبته من فظائع ضد الشعب الفلسطيني باعتباره دفاعاً عن النفس.
وإذا كان موقف ألمانيا تجاه دعم إسرائيل هو تعبير عن عقدة الذنب التي تعيشها جراء «الهولوكوست» في الحرب العالمية الثانية، فإن هذا الموقف في التأييد الأعمى لإسرائيل بعد حرب الإبادة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يمثل أقصى أشكال الازدواجية، وتجاوزاً لكل المعايير الأخلاقية، من خلال الشعور بالذنب تجاه ما حصل لليهود في ألمانيا، من دون الشعور بالندم تجاه ما حصل للفلسطينيين على مدى العامين الماضيين، وتجاه ما قدمته لإسرائيل من دعم عسكري خلال حرب العامين. إضافة إلى أن زيارة ميرتس تسهم في فك العزلة الدولية التي يعانيها نتنياهو، وأعضاء حكومته.
وفي مجرى ما يتعلق بالضفة الغربية، فإن ما يقوم به المستوطنون والجيش الإسرائيلي من مداهمات واجتياحات يومية للمدن والقرى والمخيمات، والاعتقالات، وتجريف للأراضي ومصادرتها، وتوسيع للمستوطنات، هو جزء من المخطط الذي تسعى إلى تنفيذه حكومة نتنياهو بوضع اليد على الضفة، وصولاً إلى ضمها في نهاية المطاف، والسيطرة الأمنية عليها هي المقدمة لتحقيق هذا الهدف.
كما أن إعلان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، أن «الخط الأصفر» الفاصل في غزة هو «الحدود الجديدة» للقطاع مع إسرائيل، يعني أن إسرائيل سوف تلتهم أكثر من نصف القطاع، بما يتناقض مع اتفاق وقف إطلاق النار، وما تم الاتفاق عليه في قمة شرم الشيخ في تراجع للقوات الإسرائيلية إلى ما يسمى «الخط الأصفر» في المرحلة الأولى، لا أن تعتبره خطاً حدودياً دائماً.
من الواضح أن إسرائيل تسعى لفرض أمر واقع في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي لبنان وسوريا من خلال ما توفره لها الإدارة الأمريكية من «حرية حركة»، وغض الطرف عما تمارسه من اعتداءات وانتهاكات لاتفاقيات وقرارات دولية، من دون ممارسة أي ضغوط للجمها.
المصدر: الخليج




