الضغوط على الرئاسة تتزايد لتحديد موعد الاستشارات
كتب ابراهيم بيرم في “النهار”:
مسار التكليف والتأليف فرض نفسه في الآونة الاخيرة عنوانا اساسيا للمرحلة، خصوصا بعدما ارتفع في الايام القليلة الماضية منسوب الدعوة الملحاحة لتحديد موعد الاستشارات النيابية مدخلاً لازماً لتحديد اسم الرئيس الذي ينال الاكثرية التي تخوّله الانطلاق في رحلة التأليف المنتظرة لاعلان حكومة اصيلة مستوفية كل الشروط لتحلّ محل حكومة تصريف الاعمال الحالية، وقد حددت بعبدا امس الخميس المقبل موعداً لها.
وفيما شرعت قوى برلمانية عدة ابرزها الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب “#القوات اللبنانية” ونواب “التغيير” وبعض النواب المستقلين في رحلة تنسيق للمواقف وتوحيد للرؤى بغية مواجهة مبكرة لاستحقاق التكليف ثم التأليف اثباتا لفاعلية الحضور والتأثير وتعويضا عما عُدَّ نكسة مُنوا بها في انتخابات رئاسة #مجلس النواب ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان، فان قوى ومكونات اخرى بكّرت في الافصاح عن كلمتها حيال هذا الاستحقاق، اذ بدت وكأنها ترجّح خيار اعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بناء على اعتبارات وحسابات عدة.
وبين هذا الخيار وذاك بدأت الرئاسة الاولى ومعها تيارها السياسي “التيار الوطني الحر” يزعمان انهما يقفان في منطقة وسطى. ومع ذلك فانهما بدَوا في موقع غير مريح انطلاقا من زاويتين: الاولى انهما مَن أخّرا موعد الاستشارات عمداً لانهما يريدان ارساء تفاهم مسبق على قواعد التأليف قبل التكليف.
والثانية ان “التيار البرتقالي” اطلق اكثر من اشارة وخصوصا على لسان رئيسه النائب جبران باسيل تشي بأمرين: الاول ان اسم الرئيس ميقاتي ليس من الثوابت عنده، والثاني انه لا يمانع باسم آخر من بين لائحة اسماء جديرة بالمهمة، لاسيما ان باسيل “نظم” حملة اتهامية مضادة لميقاتي في اطلالة اعلامية اخيرة له شملت مجمل ادائه ابان ترؤسه الحكومة الاخيرة، محمّلا اياه مسؤولية عرقلة العديد من الملفات الحيوية.
ولا شك في ان هذا التباعد الحاصل بين الوقائع الثلاث الفارضة نفسها بالحاح على مشهد التكليف والتأليف، قد خلق انطباعا فحواه ان احتمال ازمة فراغ حكومي قد يطول وغير مستبعد في ظل واقع سياسي ازداد تشابكا وتعقيدا بعد ظهور نتائج الانتخابات الاخيرة والمعادلات المستجدة في داخل المجلس.
ينفي عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون عن الرئاسة الاولى و”التيار” تهمة التعطيل والارجاء للاستشارات النيابية التي حُدد موعدها الخميس المقبل، ويقول لـ”النهار”: “نحن لا نرى شيئا منافيا للمألوف ولمقتضيات اللعبة الديموقراطية ان تتعدد الآراء والتوجهات حيال الشخصية التي يمكن ان تتقاطع عندها غالبية الاصوات النيابية لتسمي رئيسا مكلفا، اذ ان كل كتلة هي حرة تماما في تحديد خياراتها وفي مَن تعتبره جديرا بتنكّب مهمة التأليف. لذا فان تعدد الاسماء المرشحة للتكليف هو ظاهرة طبيعية خصوصا في مرحلة يُجمع الجميع على انها استثنائية بكل المقاييس وتستلزم اداء مختلفا”.
وعلى رغم كل هذه الاعتبارات، يستطرد النائب عون: “نحن لا نرى ايضا موانع سياسية او حتى دستورية تحول دون بذل الجهد والسعي الى ابرام تفاهم او اتفاق على اسم شخصية تكون بموقع الرئيس المكلف القادر على تأمين تأليف سلس او حتى على قواعد التأليف، لكي يتحاشى ايقاع البلاد في دائرة فراغ حكومي قد يطول، خصوصا ان ثمة تجارب سابقة لم يمر عليها الزمن. اما اذا برز ما يحول دون مثل هذا التفاهم فعندها يصير خيار اللجوء الى المسار الدستوري الطبيعي امرا مطلوبا. وعندها ايضا فليسمَّ مَن ينال اكثرية الاصوات النيابية، اذ لا يمكن لأحد ان يخرج عن هذا المسار الالزامي لينطلق بعدها مسار التأليف الذي هو مسار آخر له شروطه ومواصفاته المعلومة عند الجميع”.
وردا على سؤال اجاب عون: “اننا كتيار وكتكتل نيابي ليس لدينا الى الآن اسم معين نرشحه للتكليف. وامامنا لائحة من اسماء شخصيات نرى انها جديرة بحمل الامانة والنهوض بالمسؤولية الثقيلة الملقاة على عاتقها. وهذا لا يعني اننا نجاهر منذ الآن بمعارضتنا لاعادة تكليف الرئيس ميقاتي مجددا. فالامر ليس محسوما عندنا وان كنا لا نخفي ان لدينا ملاحظات عدة على ادائه ابان ترؤسه الحكومة التي صارت الآن بعد الانتخابات حكومة تصريف اعمال. وكان عندنا الجرأة لكي نفصح عن ماهية هذه الملاحظات بالتفصيل. ومن حيث المبدأ نرى ان من حقنا ان يكون لنا رأي مغاير لا يتقاطع بالضرورة مع رأي الحلفاء في مسألة من نرى انه الأَوْلى بان يكون رئيسا مكلفا لتأليف الحكومة المنتظرة. وهذا لا يعني ان التشاور والتحاور مع هؤلاء الحلفاء عند اللزوم سيكون محظورا في المقبل من الايام، فالامور ما زالت في البدايات وثمة مخاض طويل”.
وفي مقابل ذلك، يوضح عون: “قد نتقاطع مع باقي المكونات الاخرى في مجلس النواب من غير الحلفاء الذين قد يشاطروننا الرأي في الاعتراض على هذا المرشح للتكليف او القبول به”.
وردا على سؤال آخر، جدد عون التأكيد ان “التيار والتكتل يقاربان أمر التكليف من منظار وأمر التأليف من منظار آخر، فلكل مرحلة عندنا شروطها المنفصلة. فعلى سبيل المثال، نحن عندما نصل الى مرحلة التأليف سنحدد رؤيتنا ونكشف موقفنا النهائي والحاسم، وما اذا سيكون مشاركة او عزوفا عن التمثل في الحكومة العتيدة”.
ويضيف عضو تكتل “لبنان القوي” النائب غسان عطاالله الى اعتبارات “التيار” والتكتل وخياراته في هذا الشأن اعتبارا آخر ينطلق من “ضرورة مراعاة الحالة السنية في المجلس الجديد والوقوف على توجهاتها، اذ نرى ضرورة ان ننتظر ان تتوحد اكثريتها على اسم رئيس مكلف لنأخذ الامر في الاعتبار ونبني على الشيء مقتضاه. فهذا الموقف برأينا ضرورة من ضرورات تأمين نصاب طبيعي للتكليف والتأليف معا”.