الصين والعقوبات الغربية

لائحة صينية جديدة تتضمن إجراءات لتنفيذ قانون مكافحة العقوبات الغربية. اللائحة التي وقّع مرسومها لي تشيانج رئيس مجلس الدولة تضمنت تعزيزاً للإجراءات المضادة التي تتخذ عند التصدي للعقوبات الأجنبية. حيث أُضيفت أنواع جديدة من الأصول يمكن احتجازها وتجميدها، والمعاملات المرتبطة بها، وغيرها من التدابير الضرورية. ويهدف ذلك إلى إجراء تحسينات على الجوانب الإجرائية بالنسبة لما يتم اتخاذه من تدابير مضادة للعقوبات التي تفرض على الصين، مع تعزيز للتنسيق بين الإدارات المعنية.
الصين التي تعارض فرض أي عقوبات أجنبية من حيث المبدأ لم تجد بُدّاً من الرد على ما يفرض عليها من عقوبات. ومن ثم فإنها سنّت قوانين ووضعت قواعد تتضمن شركات وكيانات وأفراداً وتجميد أصول، وغيرها من الإجراءات التي تأتي في إطار الرد على ما يتخذ ضد شركاتها ومواطنيها وأصولها من إجراءات عقابية، ويتضمن ذلك قيود الاستيراد والتصدير أيضاً.
المنطق الصيني قائم على المعاملة بالمثل. وفي سياق أجواء الحرب التجارية كانت بكين واضحة منذ البداية. فهي لا تريد هذه الحرب. وتحذر من مخاطرها، ليس فقط على اقتصادها، وإنما على التجارة الدولية والنمو العالمي، وكذلك على الجهات التي تبادر بفرض الرسوم الجمركية العقابية. وإلى جانب ذلك فإنها تؤكد استعدادها لخوض هذه الحرب وإلى النهاية إذا فرضت عليها. حدث ذلك في ولاية ترامب الأولى، كما أنها ردت بالمثل على ما فرض عليها من رسوم منذ مجيء إدارة ترامب الثانية. في الحالة الأولى تم التوصل إلى اتفاق بين البلدين. وفي الوقت الراهن فإن الجبهة الصينية في الحرب التجارية الأمريكية ليست بذات الحدة على جبهات أخرى.
هناك خطورة جراء استمرار الإجراءات العقابية والإجراءات المضادة لها بين الصين ودول أخرى على رأسها الولايات المتحدة، فالصين منذ سنوات بات لديها قوائم بالكيانات الأجنبية غير الموثوقة. وفضلاً عما يوجّه لتلك الكيانات من ممارسات لا تتفق مع قواعد السوق، وانتهاك للقوانين الوطنية، فإن اعتبارات السيادة ووحدة وسلامة الأراضي الصينية، وانتهاك مبدأ الصين الواحدة، ومن ثم إضرار ممارسات هذه الكيانات بالسلام والاستقرار عبر مضيق تايوان تحضر عند إدراج كيانات أجنبية في تلك القوائم. حيث تقوم هذه الكيانات بتوريد أسلحة لتايوان، وهذا ما ترفضه الصين تماماً. كما أن الإدراج يمكن أن يكون رداً على إجراءات تعرضت لها شركات صينية في الخارج.
من الواضح أن الاعتبارات الأمنية والاستراتيجية من بين أهم عوامل الدخول في متوالية العقوبات المتبادلة، سواء بين الصين والولايات المتحدة أو غيرهما من الدول. وهناك اتهامات متبادلة بالتوسع في اعتبارات الأمن القومي التي تتخذ ذريعة لفرض القيود على الشركات.
مع كل هذه العقوبات والعقوبات المضادة، تجد أن غالبية الدول المنخرطة في تلك المتوالية تؤكد ترحيبها بالاستثمارات الأجنبية، وتخفيض العوائق أمامها سعياً إلى إزالتها بالكامل.
هناك حاجة لأن تتوافق التصريحات مع الممارسات، نظراً لأن هناك خطورة كبيرة من استمرار متوالية العقوبات. وعندها قد لا تكون هذه العقوبات أداة لحماية الأمن القومي، وإنما قد تصبح ضمن مصادر تهديده. وربما لا تقف خطورتها عند المستويات الوطنية، وإنما ستنسحب على الأمن العالمي برمته.
المصدر: صحيفة الخليج