الصين تحذر من تهديد الحر والجفاف للمحاصيل الزراعية والأمن الغذائي
تشكل موجات الحر والجفاف في الصين التي تشهد ارتفاعاً قياسياً في درجات الحرارة «تهديداً خطيراً» للمحاصيل الزراعية لفصل الخريف كما حذرت السلطات الصينية التي تخشى على الأمن الغذائي للدولة الآسيوية العملاقة.
ومنذ بداية جمع بيانات الأحوال الجوية في عام 1961، لم تشهد الصين صيفاً حاراً إلى هذا الحد في موجة تاريخية في مدتها ومداها.
فقد جف نهر يانغتسي، الخزان الرئيسي لمياه الشرب في البلاد، في عدد من الأماكن مما كشف عن تربة متصدعة، بينما تعيش العديد من المدن الصينية منذ شهرين على إيقاع التحذيرات اليومية من ارتفاع درجات الحرارة الذي اضطر السلطات إلى تقنين الكهرباء.
وتشكل هذه الأحوال الجوية تحدياً للزراعة، في بلد يعاني حتى في الأوقات العادية من نقص في الأراضي الصالحة للزراعة.
ويسبب الجفاف مشكلة للمزارعين، خصوصا لزراعات الأرز وفول الصويا التي تستهلك كميات كبيرة من المياه.
وفي هذه الأجواء، دعت أربع وزارات إلى اتخاذ إجراءات لحماية المحاصيل واستخدام المياه «بالقطارة».
وقالت وزارة الزراعة في بلاغ إن «الامتداد السريع للجفاف إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة والأضرار الناجمة عن الحر، كلها عوامل تشكل تهديداً خطيراً للإنتاج الزراعي في الخريف».
وعبر متخصصون في الأشهر الأخيرة عن قلقهم على المحاصيل الزراعية بسبب القيود الصحية المفروضة للحد من انتشار كوفيد-19 الذي يسبب اضطرابا في التجارة والخدمات اللوجستية. وطلبوا إرجاء الزراعة في الربيع.
والأمن الغذائي قضية حساسة في الصين، لأنها شهدت في تاريخها مجاعات.
ففي نهاية خمسينات وبداية ستينات القرن العشرين خصوصا جاع مئات الملايين من المزارعين ومات عشرات الملايين.
وتؤمن الصين أكثر من 95 في المئة من احتياجاتها من الأرز والقمح والذرة.
لكن يمكن أن يؤدي ضعف المحاصيل إلى زيادة استيراد المواد في أكبر دولة في العالم في عدد السكان، بينما تواجه إمدادات الحبوب في العالم مشاكل بسبب الحرب في أوكرانيا.
وسجلت عدد من المدن الكبرى أعلى معدلات حرارة في تاريخها بلغت في بعضها 45 درجة مئوية في جنوب غرب البلاد.
أكد ليو جونيان، مدير شؤون المناخ والطاقة، في منظمة «غرينبيس» لشرق آسيا التي تتخذ من بكين مقرا لها أن «هذه هي أسوأ موجة حر تم تسجيلها على الإطلاق» في الصين. وأضاف أن «تأثير تغير المناخ يتزايد (…) لذلك ستسجل أرقام قياسية جديدة على الأرجح العام المقبل».
وفي بداية آب/أغسطس الحالي اعترفت إدارة الطقس في الصين بأن البلاد شهدت ارتفاعاً في درجات الحرارة أسرع مرتين من المتوسط العالمي منذ 1951، وهو مسار يُتوقع أن يستمر في المستقبل.
وفي ظل نقص المياه لمحاصيلها، تحاول الصين استجلاب أمطار بشكل اصطناعي خلال إطلاق مقذوفات محملة بيوديد الفضة في السماء، كما ظهر في صور بثها التلفزيون الحكومي.
كما أن جفاف الأنهار التي تغذي السدود الهيدروليكية (سدود توليد الطاقة) يجبر السلطات على تقنين التيار الكهربائي محلياً بينما يلجأ السكان إلى تشغيل مكيفات الهواء بأقصى طاقتها للتبريد. ويعد نقص المياه أمراً بالغ الأهمية، لا سيما في مقاطعة سيتشوان (جنوب غرب)، التي يبلغ عدد سكانها نحو 84 مليون نسمة وتعتمد بنسبة 80 في المئة على السدود لتوليد الكهرباء.
وتشكل هذه الصعوبات تحديا للقلب الاقتصادي للصين لأن المناطق الساحلية جيانغسو وتشجيانغ وكذلك آنهوي (شرق) يتم إمدادها بالكهرباء من سيتشوان.
وفي إجراء لتوفير التكاليف أوقف عدد كبير من المصانع والشركات نشاطها، بينما في مقاطعة بلدية تشونغتسينغ (جنوب غرب)، حيث يعيش 31 مليون شخص لا يمكن فتح مراكز التسوق إلا من الساعة 16,00 إلى الساعة 21,00.
في الطرف الآخر من البلاد أطفأت شنغهاي مؤقتاً الأضواء التي تزين محيط جادة بوند الشهيرة. والموقع معروف بمنظر ناطحات السحاب التي تنار عادة بألف مصباح في الليل مع عدد لا يحصى من الشاشات الإعلانية العملاقة والحُزًم الضوئية الملونه.
المصدر: أ.ف.ب