الصفقة الساقطة وسقطة الدستوري!

كتب راجح خوري في “النهار”: لم يكن من الضروري أن تسارع مصادر رئاسة الجمهورية الى وصف اللاقرار الذي انتهى إليه #المجلس الدستوري، عدم تمكن أعضائه من التوصّل الى قرار حيال الطعن المقدّم “من التيار الوطني الحر” بالقانون الانتخابي، بأنه “سقطة للمجلس الدستوري”، فقد سبق الفضل عندما أعلن رئيس المجلس القاضي طنوس مشلب، في مؤتمر صحافي يستدعي الشفقة على لبنان والقانون والدستور، أنه ليس راضياً عن عدم صدور قرار “ولكن لم يكن في الإمكان أكثر مما كان، وما حصل سقطة، ولا أعرف ما إن كان هناك تدخل سياسي لدى أحد الزملاء ولكن لا أشكّ في أحد”… ويا سلام!
تحتاج الأمور هنا الى تصحيح ضروري، في ظل الإجماع على القول إن هذه السقطة جاءت نتيجة فشل ما يتردد منذ أسابيع عن صفقة مقايضة فاضحة ومعيبة، كانت تُحاك في كواليس المسؤولين عن خراب هذا البلد، وتقوم على معادلة خبيثة تقضي بالسماح لحكومة المساخر بأن تعود الى عقد الاجتماعات، بعد كفّ يد المحقق العدلي طارق البيطار عن التحقيق مع الوزراء والنواب، على أن يفتح المجلس الدستوري الطريق لهذا، بأن يقبل طعن “التيار الوطني الحر” بقانون الانتخابات، ما يؤمّن النصاب لتعيين هيئة محاكمة الرؤساء والوزراء والنواب، فيرتاح التيار المتوجس من الانتخابات وتصويت ٢٥٠ ألف مغترب لبناني كان يريد أن يحرمهم حق الاقتراع!
على هذا، من الضروري القول إننا أمام مسلسل من السقطات، فما سُمّي صفقة هو أكثر من سقطة؛ إنه سقوط توغل عميقاً في وحول المنظومة السياسية، [فالسياسيون حماة الفساد كما قال الرئيس #ميشال عون لمجلة باري ماتش] وبالتالي فإن اللاقرار الذي توصّل إليه “قرار” المجلس الدستوري، كان سقطة أسقطتها سقطة أبشع، هي تلك الصفقة الساقطة، التي تضع رصاصة الرحمة في رأس السلطتين التنفيذية والقضائية وفي قلب لبنان الذي ينطفئ…
نعم، سقوط الصفقة السياسية صار سقطة للمجلس الدستوري، الذي سبق أن لوّح به التيار العوني كسيف سيقطع رقبة القانون الانتخابي كما أقره مجلس النواب.
ومسكين المجلس الدستوري الذي هو نتيجة طبيعية للمحاصصة السياسية أو لعله “لويا جيرغا” طائفية مصغّرة، فلم يكن من المفاجئ أن يقول مشلب إن اللاقرار هو سقطة، وأن تقول مصادر عون كذلك إنه سقطة ولكن “الرئيس لم يطلب شيئاً وثمة قوى تعطل القضاء والمجلس الدستوري والسلطة الإجرائية والتحقيق الجنائي”، ولهذا ليس مستغرباً السؤال: إن كانت الأمور رهن هذا التعطيل، فلماذا الذهاب أصلاً بالطعن أمام المجلس الدستوري؟
فعلاً مسكين المجلس الدستوري، ولا بدّ من أن اللبنانيين نتفوا شعرهم وهم يستمعون الى مشلب محاصراً بالأسئلة، متخبطاً بالأجوبة مثيراً للشكوك: “لا أحد يمون عليّ، ولا أعرف إن كان من تدخل سياسي لدى أحد الزملاء، وبرأيي يجب أن لا يمون أحد على الزملاء”… ثم يضيف مباشرة: “حتى هذه الساعة لم يطلب منّي الرئيس عون أيّ طلب في هذا الموضوع أو غيره، رغم أن البعض يحسبني عليه بما أنه سمّاني”!
مجلس “الليويا جيرغا” الدستوري بكل بساطة، ومرحباً أيها الدستور وسلام على روحك يا لبنان، عندما يكون هذا المجلس سيفاً يلوّح به التيار الوطني لإسقاط قانون الانتخابات، ويصير سقطة في نظر عون ومشلب، لأنه لن يتوصّل الى القرار المرجوّ، وهنا دعونا نستمع الى رئيس المجلس السابق الصديق عصام سليمان يقول: لو كان الخلاف على تفسير دستورية وقانونية المواد موضوع الطعن المقدم، لكان المجلس تمكن من التوصّل الى قرار، لكن عدم توصّله الى قرار يُستشفّ منه حصول تدخلات سياسية.
ولكن ما الغريب في الأمر، فالمجلس سيف بعشرة مقابض، يلوّح به كل أولئك الذين ركّبوه على طريقة أذن الجرّة، من مشلب المحسوب على عون وربما الى جميع أعضائه الموقرين، وفي لبنان تسقط السقطة الساقطة قبل سقطة المجلس الدستوري، وشرّ البليّة ما يضحك!