أبرزرأي

الصراع الصيني – الأمريكي

كتب علي قباجة, في صحيفة الخليج:

بات من البدهيّات بالنسبة للولايات المتحدة أن التهديد الأول لنفوذها العالمي، هو الصين، هذه الدولة العظمى اقتصادياً وعسكرياً وتكنولوجياً، والتي تسعى إلى أن يكون لها مكانها في النظام العالمي، بفضل ما تملكه من علاقات مثلى دولياً وطموحات في إعادة تشكيل هذا النظام، وهو ما يؤرق واشنطن التي تراها المنافس الأكبر لها، وتسعى بقدّها وقديدها لتثبيطها وتحجيمها عسكرياً واقتصادياً.

المخابرات الأمريكية أكدت في تقرير لها أن الصين لاتزال تشكّل أكبر تهديد عسكري وإلكتروني للولايات المتحدة، مشيرة إلى أن بكين تمتلك القدرة على ضرب أمريكا بأسلحة تقليدية واختراق بنيتها التحتية عبر هجمات إلكترونية، واستهداف أصولها الفضائية، وتسعى إلى إزاحة الولايات المتحدة عن عرش الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.
ودق التقرير ناقوس الخطر، عندما رأى أن ثمة تحالفاً ضمنياً بين روسيا والصين وكوريا الشمالية، لتحدي الولايات المتحدة وإضعافها، وهو ما لم تشهده واشنطن منذ الحرب العالمية الثانية، إذ من شأن كتحالفٍ مثل هذا يُشكل كتلة صلبة تقف أمام أي تحرك أمريكي مستقبلي ضد إحدى هذه الدول، ولن يكون سهلاً عليها أن تستخدم العصا لإعادة دولة خرجت عن نطاق سيطرتها إلى طاعتها كما كانت الحال في السابق، لذا فإن الأصوات الأمريكية بدأت تتعالى لاتخاذ خطوات من شأنها وضع العصيّ في دواليب روسيا والصين في المقام الأول.
التقرير الأمريكي يؤكد أن هناك دوافع عدة للصين للجوء إلى الاستراتيجية العسكرية، منها زيادة الضغط على تايوان ومن خلفها أمريكا التي باتت تحيط بالصين من كل جانب، حيث تدعم واشنطن تايوان التي تعدها الصين جزءاً من أراضيها، وتقيم قواعد عسكرية في اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين، وتنفذ تحركات تعدها بكين استفزازية، إضافة إلى فرض رسوم جمركية على الواردات الصينية لأمريكا، كل ذلك دفع بكين إلى تعظيم ترسانتها العسكرية، خصوصاً النووية، وهو ما تتخوّف منه واشنطن، لأن هذه الأسلحة ستشكل رادعاً لها، وسيكون أي تحرك ضد الصين مغامرة ستغير وجه العالم.
الولايات المتحدة تريد التفرغ للتهديد الصيني، وقد اتفقت بإداراتها كافة على ذلك سواء الديمقراطية أو الجمهورية، لذا فإن الأيام المقبلة تحمل في طياتها الكثير، أولها توسيع رقعة الحرب التجارية بين البلدين، وتعزيز الذكاء الاصطناعي لمواجهة كل منهما للأخرى، بجانب محاولة واشنطن تقليص النفوذ الصيني إلى أبعد مدى، بحيث تقطع الطريق عليها أمام التوسع التجاري أو العسكري مع دول عدة في مختلف القارات.
ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، فقد تشهد العلاقات مزيداً من التوتر، خصوصاً أنه يحمل أفكاراً ضد الصين، لكن يبقى الأمل معقوداً بألّا تتفاقم الأمور إلى صدام مسلح، إذ يومها سيكون العالم بأسره على شفير الهاوية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى