الشيوعي: موازنة 2022 تنضح بالمخالفات ولا ترتبط بأي خطة نهوض اقتصادي
رأى الحزب الشيوعي اللبناني، في بيان اليوم، أن “مشروع موازنة 2022 يعاني التجزئة وعدم الشمول، وينضح بمخالفات قانونية ودستورية فاقعة، ولا يرتبط بأي خطة للتغيير والنهوض الاقتصادي. وهو يمضي قدما، من منطلقات نيوليبرالية متخلفة وبائسة، نحو ترسيخ سياسات التقشف، وكمؤشر على ذلك زيادة الواردات بنسبة 191% في مقابل زيادة النفقات بنسبة 176% عن موازنة 2021، في ظل ركود اقتصادي هو الأعمق في العالم”.
واعتبر أنه “يستهدف في الأساس القوة الشرائية والأحوال المعيشية للعمال والأجراء وفئات واسعة من الموظفين والمتعطلين عن العمل والطبقة الوسطى، مع تجاهل أو تجهيل فاضح للأطراف السياسيين والطبقيين الذين تسببوا بالانهيار الاقتصادي والمالي. وفي نظر الحزب، تعتبر هذه السياسات التقشفية تمهيدا من جانب القوى الحاكمة للتفاوض، وبالتالي التجاوب مع طروحات صندوق النقد الدولي وما يسمى الجهات المانحة، وهذا ما يفسر استعجال إصدار مشروع الموازنة عشية بدء المفاوضات مع الصندوق”.
وقال: “على صعيد الإيرادات، يلاحظ أن أكثر من 90 مادة من مجموع مواده البالغ 139 مادة يتعلق إما بإدخال زيادات على الضرائب المعمول بها أو إدخال تعديلات تراجعية عليها. ويتبين بصورة فاقعة أن الرسوم الداخلية زادت نحو خمسة أضعاف، والرسوم على التجارة والمبادلات الخارجية نحو سبعة أضعاف، ومن ضمنها رسم جمركي بنسبة 10% على المستوردات التي لا يصنع مثيل لها في لبنان. كذلك ارتفعت الرسوم على العائدات والمبيعات الإدارية، ومن ضمنها رسم الطابع المالي، أكثر من أربعة أضعاف ونصف. كما استحدثت الموازنة مجموعة رسوم بالدولار الحقيقي على بعض أنواع الخدمات، مع العلم بأن مئات ألوف اللبنانيين من الفئات الاجتماعية كافة باتوا معنيين في بلاد الانتشار بهذا النوع من الرسوم. كما زادت مجمل مداخيل الضرائب على الأجور بنسبة 186 بالمئة بينما زادت الضرائب على الأرباح بمقدار 98% عن موازنة 2021، مما يحمل الأجور والرواتب أعباء أكبر بكثير من الأرباح، في وقت تراجعت فيها القيم الحقيقية للأجور بشكل كبير منذ بداية الأزمة. وهذه الاتجاهات السلبية على صعيد الإيرادات قد تكون مرشحة لمزيد من التفاقم، في ضوء التطور المستقبلي لأسعار صرف الليرة التي لم يشر مشروع الموازنة صراحة الى توقعات محددة بشأنها، بل أبقى الباب مفتوحا على وسعه أمام استمرار تعددية هذه الأسعار”.
وشدد على “ضرورة فرض سياسة ضريبية إصلاحية حقيقية تؤدي الى زيادة كبيرة في واردات الدولة، عبر رفع معدل الضريبة على شركات الأموال الى 30 %، وزيادة الضريبة بشكل تصاعدي على الفوائد المصرفية وصولا الى 15%، واستحداث ضريبة 2% على الثروة الصافية للأفراد فوق المليون دولار، فضلا عن تعديل مجمل عناصر ضريبة الانتقال لتصبح ذات معدل مسطح بمعدل 45% مع إعفاء يبلغ مليون دولار، وإلغاء الإعفاءات الضريبية للمؤسسات الدينية وأصحاب النفوذ وشركات الهولدينغ وشركة سوليدير وكذلك الإعفاءات التأجيرية الممنوحة للكثير من مستخدمي أملاك الدولة”.
وتحدث عن “العديد من الاختلالات على صعيد النفقات العامة، توازي وتدعم اختلالات بنية الضرائب والإيرادات العامة”. وأشار إلى أن “هذا المشروع يسرع الخطى بوضوح نحو التفريغ التدريجي للقطاع العام، ولا يشير بكلمة واحدة الى التوظيف العشوائي ومغارات الشراء العام والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة التي استوطن فيها الفساد وقلة الإنتاجية وعلاقات الخضوع والاستزلام والمحاباة لصالح أطراف السلطة المتنفذين”.
ورأى أن “هناك قضايا مصيرية أخرى تجاهلها مشروع الموازنة، إذ مر مرور الكرام على العديد من القضايا التي تؤثر بشكل مباشر بل حاسم في حاضر ومستقبل الأحوال المعيشية للبنانيين، ومن ضمنها: قضية تحفيز النشاط الاقتصادي واستعادة النمو الاقتصادي والحد من البطالة والهجرة، وقضية معالجة تبعات الإفلاس الفعلي للقطاع المصرفي وبالتالي الحاجة الماسة الى إعادة هيكلته حفاظا على ما تبقى من ادخارات وودائع للبنانيين، وقضية التوزيع العادل للخسائر كبديل لصيغ الهيركات، وقضية الشروع في تفكيك الاحتكارات، فضلا عن مصير صناديق التأمينات الاجتماعية والتقاعد، ولا سيما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”.
وحذر من “توظيف هذه المخاطر والتحديات لفرض مناخ عام يضعف الموقف التفاوضي للطرف اللبناني في مواجهة شروط صندوق النقد الدولي والدول المانحة التي تدفع في اتجاه تحميل العمال والموظفين والفقراء وأصحاب الدخل المحدود، تبعات سياسات تقشفية صارمة، تترافق مع تقاسم هذه الدول لثمار مشاريع الخصخصة وتشركة مؤسسات القطاع العام”. وشدد على أن “الرد على هذه الهجمة السلطوية الجائرة يجب ان يكون بتجميع القوى الديموقراطية والعلمانية وتصعيد المواجهة والتحركات الشعبية والنقابية لدرء الخطر الداهم على الدولة والاقتصاد والمجتمع، وبناء ميزان القوى الذي يسمح بالانتقال الى الدولة المدنية العلمانية على أنقاض الدولة الطائفية”.