الشهرة داء أم دواء ؟

كتبت د. نادية الخالدي في صحيفة الراي.
مع انتشار السوشيال ميديا وتغلغلها في حياتنا اليومية، وسرقتها للحظاتنا الثمينة واستنزافها لمشاعرنا الطبيعية واحلالها بمشاعر مُلقنة، إضافة إلى المحاولات الذكية في سرقة جيوبنا واهدار خططنا المتعلقة بمستقبلنا، والانشغال بآخر نجاح حققه شخص نتابعه أو آخر حالة حب عاشها أو أخرى خذلته فنعيش حيوات بزر متابعة لا دخل لها بحياتنا ولا تشبهنا، ولا تمثل تطلعاتنا واحلامنا.
بل نحن نكون وسيلة لنجاح من نتابع ورقماً مهماً في نجاحه، كل ذلك على حساب انهيار ارصدتنا البنكية، وتشوه قيمتنا النفسية، والعيش بمشاعر لا تخصنا في الأصل، هذا ان كان نوعية ما نتابعه تجارياً. أما الشق الآخر الثقافي أو العلمي. فهو النقيض بكل شيء يشبه ثقافة تفوز أو تفوز.
أي انت ستستفيد لا محالة من المحتوى فهو يطورك ويصقلك ويعطيك ما تحتاج في حياتك، وينورك ويفتح مساراً لم تكن منتبهاً له ولكن كل ما سبق ليس موضوع المقالة. بل موضوعها ما يلي ذلك وهو الهوس في المتابعة أو الشهرة، أو الرغبة في أن تكون مصدر الاهتمام ومصدر الأضواء.
ومما لا شك فيه حب الانسان للشهرة حب فطري، يختلف من شخصية لأخرى وعلى مدى التاريخ الذي أخذ مساراً تنازلياً في مفهوم الشهرة. كانت الشهرة لها وزن خاص وقيمة حقيقية لاصحابها، فالصحابي خالد بن الوليد، اشتهر بالشجاعة وحاتم الطائي، اشتهر بالكرم، ونزار قباني، اشتهر بقدرته على صياغة الشعر وابداعه في وضع الكلمات في معزوفة ادبية.
وهذه شهرة حميدة الاقتداء بها، جمال ورفعة، ولكن أن اصل بهوس الشهرة أن اضحك الناس عليَ، أو اعمل عملاً فاضحاً ألفت النظر بالجسد أو الايحاءات غير المستحبة، هنا دخلنا لشهرة ظلماء بكماء في انذارها النفسي لانهيار صورة الشخص عن نفسه. حتى تتدمر في الكامل ناهيكم عن شعور الشهرة الذي حصر في عدد المتابعين وعدد الشير واللايك ورأي الناس وتطلعاتهم، وكأن الحياة مقصورة على زر متابعة وقابلة للانتهاء عند حظر الحساب أو الغاء المتابعة أو ضعف عدد المشاهدات، هذا جانب يظهر جانباً آخر وهو سعي عدد كبير للشهرة، والبحث عن تقدير الذات بالسوشيال ميديا واهدار عدد كبير من الساعات في تطوير الحساب والتفكير في بوستات تنال رضا الجمهور.
متجاهلاً حاجة الجسد للراحة أو دوره في عائلته الذي تم الابتعاد عنه تدريجياً بحجة الانشغال الالكتروني، وبالتأكيد العزوف عن الوعي للاحلام والطموحات والتطوير المعرفي بحجة فلوس الشهرة أحلى وأكثر من فلوس وظيفة مجال أحب التخصص فيه أو في حالات يتم استخدام المجال المحبب بالشهرة، وهنا ننتقل إلى حالة زواج للسوشيال ميديا ودوام يقارب 24 ساعة من دون مبالغة بالأمر نتيجتها ضعف نظر وتعب جسدي وعلاقات لا تتعدى العالم الافتراضي.
وعند عرض جميع ما سبق… هل الشهرة دواء في سهولة الحصول على المعلومة من أصحابها المتواجدين أو هي داء في تشتت المعلومة من كثر تناقض الفكر، ناهيكم ان النرجسي تغطيه الشهرة بعباءة ساترة والهستريا والقلق والاكتئاب؟ ضيوف في هذا العالم مرتبطون بتسليط الاضواء وانطفائها. ويبقى السؤال الآن بين داء الشهره كآثار جانبية
ودواء الشهرة كتلبية لحاجة تحقيق الذات والتقدير، ماهي جرعة التوازن المطلوبة؟ الجواب عندك إن لم تجده فابحث عنه عند مختص.