«الشفاء» يستصرخ ضمير العالم

كتبت لما جمال العبسه في صحيفة الدستور.
على الرغم من مرور 40 يوما على الحرب الشعواء التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، الا ان كل يوم هناك جديد لدى آلة الحرب الصهيونية النازية المصوبة على رأس كل فلسطيني سواء في القطاع او الضفة الغربية، وهنا تتجاوز الوحشية والهمجية معانيها البشعة لتصبح متجاوزة التخيل إلى التجسد امام العين واضحة وضوح الشمس في كبد السماء.
آخر ما انتجته الصهيونية القميئة وتجاوز عمليات شن الغارات والضرب بالصواريخ وهدم المنازل فوق رؤوس أصحابها إلى محاصرة آلاف من المرضى والجرحى والمصابين جراء عدوانهم الغاشم على القطاع في مجمع الشفاء الطبي، حتى الشهداء لم يسلموا من بطشهم، فمن يقترب منهم وإكرامهم ودفنهم معرض كي يصطف إلى جانبهم بطلقة واحدة من رصاص قناصة العدو الصهيوني المتربص لأي حركة داخل هذا المجمع الطبي.
ليس فقط هذا الامر، بل حاصروا بالعدة والعتاد ودخلوا وفتشوا وكذبوا بتصريحات قبل الهجوم والتي بررته بوجود عناصر من المقاومة الفلسطينية تختبئ داخلها وبين المرضى والمصابين، وبعد الهجوم بقطع كل آلية تواصل عن مجمع الشفاء الطبي عن العالم بل ويكذبون بأنهم دخلوا عليه محملين بالادوية وحاضنات الأطفال الخدج …الخ من قائمة الوهم الذي يبيعونه عنوة مواليهم المصدقين قولهم والمؤمّنين عليه والقائمين بنشره ومحاولة اقناع الآخر به.
الكثير الكثير….وما زال ضمير العالم أخرس لا يتكلم، فالقاتل مجني عليه ….والضحية هي الجاني المعاقب بأبشع أساليب العقاب، والغرب على رأسه واشنطن لا يرى ولا يصدق الا ما تقوله ربيبته اسرئيل الصهيونية فهما خرجا من رحم واحد وكلاهما يحمي مصالح الآخر على اختلافها، والجميع دونهما يجب ان يدفع ثمن هذه العلاقة الشاذة بين الطرفين، الا ان ما حدث ويحدث في فلسطين وتحديدا في قطاع غزة الصامت حرر شعوب العالم دون مبالغة.
لقد كان استصراخ مجمع الشفاء الطبي للعالم باسره ان ينقذه من نير آلة القتل الصهيونية وكانت الولايات المتحدة تدعم الادعاء الاسرائيلي، وجدت الصور التي تمكن مجاهدو الكلمة والصورة من ايصالها للعالم من ابلاغ المعلومة الصحيحة لتضع الحكومات الغربية الموالية للصهيونية امام غضب شعوبها جمعاء، ولكن للاسف كل شعوب العالم لا تُطيق سوى اضعف الايمان في هذا الوضع وهو الصراخ بالحرية ورفع الظلم ووقف الحرب الغاشمة التي لم يشهد على مجازرها التاريخ الحديث كله.
المنظمات الدولية تنتظر ردة فعل عالمية ودول العالم تنتظر، ولكن انتظارها يعتمد على ان تعرف ما يريده هذا العدو النازي، هل تريد حكومته المتطرفة تحقيق حلم سلفها من الحكومات التي رغب بعض رؤسائها بالقضاء على القطاع وتمنى اخر ان يستيقظ فيرى ان القطاع غرق في البحر، لكن باسلوبها المتفرد في القهر والوحشية بان يجعل الناس اما ان تموت بجرحها او دائها وقهرها، خاصة وان الحصار لسنوات طوال لم يثنهم عن قضيتهم.
هذه الحرب الشعواء حولت من القضية الفلسطينية إلى قضية عالمية وليست عربية فقط، بل وانها ستكون ان شاء الله بداية طريق حتى تتغير المعايير العالمية التي تتحكم بها دول الظلم والعدوان وتفرض اساليب قذرة للتعامل مع القضايا الانسانية العادلة، ولا بد من يوم تُرد فيه المظالم يكون أسود على كل ظالم ان شاء الله….فكل شيء عنده بمقدار.
صبرا جميلا ايها «الشفاء» فقد اسقط ما تمر به القناع عن مُدعي الكرامة وحقوق الانسان والعدل والقانون والمتشدقين بالديمقراطية واخلاقها، وبدا وجههم شبيه الشيطان، ففي كل شر دائما خير.