رأي

الشعوب في مواجهة الصهاينة

كتب د. عبدالله سهر في صحيفة الراي.

بعد فشل معظم دول العالم، وخاصة تلك المعنية بالصراع مع الكيان الصهيوني الغاصب، في مواجهته سياسياً، وقانونياً، واقتصادياً، وعسكرياً، أخذت الشعوب على عاتقها حتمية التصدي له والمواجهة.

وتُعد حملات كسر الحصار البحري، التي تقودها تجمعات مدنية وحقوقية وإنسانية لإيصال المساعدات إلى أهلنا في غزة العزة، من أبرز الأمثلة على هذه المواجهة الشعبية ضد الغطرسة الصهيونية. فمَنْ الذي سينتصر في النهاية؟ إن التعاطف والموقف المبدئي الذي تخوضه منظمات إنسانية وحقوقية مع الشعب الفلسطيني ليس مجرد حدث عابر ينتهي دون آثار أو نتائج. فالمجتمع الدولي المدني، الذي يقف في وجه ممارسات الإبادة الجماعية في فلسطين المحتلة، يقوم اليوم بتوثيق هذه الجرائم، التي تحظى – وللأسف – بدعم من بعض الدول الشرقية قبل الغربية.
أما بعض الحكومات الغربية، التي طالما ادّعت الدفاع عن الحرية ورفعت شعارات حقوق الإنسان، فقد تهاوت مصداقيتها بشكل صارخ لا لبس فيه. لم يعد من الممكن إخفاء أو تبرير الدفاع أو السكوت عما يرتكبه الكيان الصهيوني؛ بل أصبح هذا الموقف دعماً علنياً لجريمة حرب تُرتكب في وضح النهار، على مرأى ومسمع من العالم كله.

لقد أصبحت السياسة المتبعة تجاه الجرائم الصهيونية مكشوفة ومجردة من أي غطاء أخلاقي. ولم تفضح هذه الإبادة الكيان الغاصب سياسياً فحسب، بل أسقطت أيضاً سردياته وأساطيره التي لطالما استخدمها لتبرير وجوده غير الشرعي. وهكذا، امتدت جذوة المواجهة إلى الشعوب، التي باتت ترى الصور والمشاهد وتدرك هول الفظائع.

في جميع أنحاء العالم – باستثناء بعض الدول العربية – خرجت مظاهرات، ورفعت شعارات، وتعالت الأصوات، وكتبت الأقلام، احتجاجاً على ممارسات الاحتلال، ونصرةً للمظلومين من أبناء فلسطين. وستستمر هذه المواجهة حتى يُكبح جماح الغطرسة الصهيونية.

ومن شواهد تفاعل الشعوب أن بعض اليهود داخل الكيان الغاصب لم يعودوا قادرين على الصمت، تحت تأثير موجة الاحتجاجات العالمية التي عمّت مختلف بقاع الأرض.

ليس مستغرباً أن يشهد العالم تفاعلاً متزايداً مع القضية الفلسطينية في عصر الانفتاح الإعلامي، حيث لم تعد الحقيقة حبيسة رواية واحدة أو تحت سطوة تضليل إعلامي مركزي.

ومن المؤكد أن القضية الفلسطينية قد اكتسبت بُعداً أعمق من أي وقت مضى، بفضل هذه المواجهة الشعبية، التي يراها البعض انتصاراً موقتاً لعصابة نتنياهو، لكنها في حقيقتها تمثل بداية لانهيار الأسطورة الصهيونية.

«واللهُ غالبٌ على أمرِهِ ولكنَّ أكثرَ الناسِ لا يعلمُون».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى