الشرق الأوسط بيئة مثالية للكبتاغون والميليشيات
كتبت هدى رؤوف في صحيفة إندبندنت عربية.
منذ أيام عدة أعلنت المديرية العامة لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية التابعة لوزارة الداخلية العراقية عن تتبع شبكات تهريب وإطاحتها بعصابة حاولت تهريب 2.5 مليون حبة من مخدر الكبتاغون.
وفي العام الماضي، أعلنت السلطات أنها ضبطت في جنوب العراق مصنعاً لإنتاج الكبتاغون، لتتحول البلاد من كونها ممراً في الأعوام الأخيرة لتهريب الحبوب المخدرة إلى مصنع.
وكثف الأردن حملاته ضد مهربي الكبتاغون بعد اشتباكات مع جماعات التهريب التي أعلن أن لهم صلات بميليشيات موالية لإيران تحمل كميات كبيرة من المخدرات عبر حدوده من سوريا، إلى جانب الأسلحة والمتفجرات.
وفي العام نفسه، وجهت عمان ضربات جوية على الأراضي السورية مستهدفة تجار مخدرات يشكل توغلهم عبر الحدود تهديداً للأمن القومي الأردني.
وفي حين تشير التقارير الغربية وتقارير مكتب الأمم المتحدة الإقليمي المعني بالجريمة والمخدرات UNODC إلى تزايد نشاط تهريب الكبتاغون في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وارتباطه بالميليشيات المسلحة في المنطقة مثل “حزب الله” والميليشيات التابعة لإيران في سوريا إلى جانب تنظيم “داعش”، تنفي طهران و”حزب الله”ويعتبران الاتهامات جزءاً من مؤامرة غربية ضدهما.
ليست إيران والميليشيات التابعة لها فقط هم المتورطون في تهريب الكبتاغون إلى دول المنطقة، بل تشير التقارير الغربية إلى تورط سوريا في تلك العمليات، وأصبح الكبتاغون يمثل جزءاً رئيساً من نشاط ما يسمى محور المقاومة، وذلك لأنه يمثل مصدراً للموارد المالية لـ”حزب الله” والجماعات الأخرى من أجل توظيف مزيد من المقاتلين ودفع رواتبهم، وتقديم مساعدات اجتماعية ضمن النشاط الاجتماعي، فضلاً عن استخدامه لتمويل الاقتصاد السوري المتعثر، ووسيلة للتيقظ والنشاط للمسلحين أثناء قتالهم.
وهو مما ظهر من خلال تقارير مكتب الأمم المتحدة UNODC الذي وجد أن كثيراً من المنتمين لتنظيم “داعش” في السجون العراقية كانوا يتعاطون حبوب الكبتاغون لتشجيعهم على القتال من دون إجهاد، فضلاً عن خلق علاقة التبعية والعبودية لمصدر الحبوب.
أي إن الكبتاغون في المنطقة أصبح أحد أدوات محاربة وتدمير شباب دول المنطقة من جهة، وداعماً للإرهاب ومصادر تمويله وبعض النظم الراعية لتلك الجماعات والصناعات من جهة أخرى، بل إن تقرير مكتب الأمم المتحدة الإقليمي UNODC الصادر في مارس (آذار) الماضي، اعتبر أن سوريا هي مصدر نحو 80 في المئة من المعروض عالمياً من الكبتاغون ومنها يخرج إلى بقية الدول المجاورة مثل الأردن والعراق وغيرها، حيث توجد شبكة توزيع له مصدرها سوريا ولبنان.
والكبتاغون هو عقار اصطناعي يجمع بين الأمفيتامين والثيوفيلين ومعروف بتأثيراته المنشطة، مما يزيد من طاقة المستخدمين ويقظتهم.
ويعد العراق الآن في دائرة اهتمام جماعات التهريب نظراً إلى موقعه الذي يجعله في تقاطع طرق تهريب المخدرات جنوب غربي آسيا وأفريقيا وأوروبا وخصوصاً طرق البلقان المرتبطة بتهريب المواد الأفيونية من أفغانستان إلى أوروبا، وهو ما يجعل الحكومة العراقية تولي اهتماماً للأمر الذي أصبح على الأجندة الإقليمية لدول المنطقة نظراً إلى ارتفاع الإنتاج والإتجار والاستهلاك خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.
من الواضح تصاعد التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط نتيجة لارتباط عمليات تهريب المخدرات بالجماعات المسلحة وبعض الأنظمة السياسية التي ترعى عمليات التهريب في ظل انتشار الجماعات المسلحة العابرة للحدود والانتماءات.
وربما على دول المنطقة التعاون مع الولايات المتحدة ودول أوروبا لتسريع التعاون وتنسيق الجهود للكشف عن تلك الحبوب وتعطيل عمليات التهريب واتخاذ الإجراءات العاجلة لتنسيق الاستجابات المشتركة.