الشرعي الإسلامي ينوه بدور ميقاتي ويستنكر الاعتداءات الحوثية:الانتخابات إحدى مقومات نظامنا ونحرص على التزام إجرائها في مواعيدها
عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، جلسة برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في دار الفتوى، وكان بحث في الشؤون الإسلامية والوطنية والتطورات اللبنانية والعربية، وتوقف المجلس عند المستجدات التي طرأت على الساحة اللبنانية.
وأصدر بيانا تلاه عضو المجلس الشيخ فايز سيف جاء فيه:
“أولا: يثمن المجلس الشرعي الإسلامي الاعلى الدور الذي قام به دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي من موقعه الدستوري ومن مسؤوليته الوطنية، في إعادة الروح إلى مجلس الوزراء والجهود التي بذلها مع جميع الفرقاء لكي يلتئم مجددا ويعكف على معالجة مشاكل البلاد المعيشية والمالية والاجتماعية واستنهاض مؤسسات الدولة ومرافقها العامة للاهتمام بمصالح المواطنين والسهر على تلبية حاجاتهم وتسيير شؤون الدولة.
ثانيا: إن عودة مجلس الوزراء إلى عقد جلساته والبدء بالعمل الجاد بعد غياب طويل عن الناس، والانقطاع عن رعاية مصالحهم وحل مشاكلهم، يجب ان تكون عودة إلى الناس، وليس إلى أي أمر آخر أو هم آخر، خارج همومهم ومعاناتهم ومداواة آلامهم، والابتعاد عن سياسات التعطيل التي تضرب الثقة بالدولة ويدفع الشعب اللبناني بنتيجتها أثمانا باهظة في معيشته ومستقبل أبنائه، مع ضرورة تخلي القوى السياسية عن نزاعاتها وطموحاتها الفئوية الذاتية، وعدم الرجوع إلى مناكفاتهم، فلن تجنوا من انقساماتكم وصراعاتكم وتنمركم واستقوائكم على اللبنانيين وعلى بعضكم البعض، إلا الذل والغربة والتبعية والهوان. ووجوب السعي، إلى إعادة اللبنانيين إلى الحياة الطبيعية وتأمين حاجاتهم الأولية، وتوفير الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم، من مأكل ومشرب وكهرباء ودواء وعمل، ومن أمن وأمان معيشي واقتصادي واجتماعي، ومعالجة انهيار العملة الوطنية وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، واستعادة أموالهم وجنى عمرهم، وان هذه القضايا الحياتية والأساسية يجب أن تكون من أولويات عمل مجلس الوزراء وإدارات الدولة ومؤسساتها ومرافقها الحيوية”.
ثالثا: إنها لفرصة مؤاتيه أمام اللبنانيين جميعا، وبخاصة من يتولون قيادة البلاد، للعودة إلى ضمائرهم وترجيح مصالح البلاد العليا على مصالحهم الخاصة، وليمدوا أياديهم إلى بعضهم البعض، والشروع فورا بتنفيذ الإصلاح الاقتصادي والمالي بشكل لا يطال فئات المجتمع المنهك، والاستفادة من دعم العالم للبنان والاستعداد لمساعدته ونجدته، لإنقاذ بلدهم ومصير وطنهم المهدد والحفاظ على وحدتهم وتماسكهم، والتخلي عن دعوات الانقسام والتجزئة والانعزال التي تضيق معها مساحة الأرض ومساحة الفكر والتفاعل الإنساني والوطني حتى الاختناق، ومن ثم الهروب وهجرة المكان والأرض والهوية والتاريخ، والتي ستقضي على كيانهم وستمزق وتبدد أحلامهم في الاستقلال والسيادة، لأن طريق الخلاص والحرية لا يكون ولن يكون إلا بوحدة اللبنانيين وتضامنهم وحرصهم على عيشهم المشترك، وتعاونهم مع الدول العربية الشقيقة.
رابعا: إن لبنان بتكوينه وثقافته ولغته وتاريخه، وهو العضو المؤسس والفاعل في جامعة الدول العربية، هو جزء من محيطه العربي، وهو في دستوره عربي الهوية والانتماء، ولن يكون في مشاعره وأحاسيسه وسياساته وارتباطاته ومصالحه خارج عروبته، ولن يكون معاديا لإخوانه العرب، وسيبقى نصيرا للقضايا العربية، وسيكون وفيا لكل من وقف بجانبه وبجانب الشعب اللبناني، وتعزيز وحدة لبنان واللبنانيين، وفي إعادة بناء وإحياء مؤسساته ودعم اقتصاده، في كل الظروف والأحداث الخطيرة التي مرت على لبنان واللبنانيين، وبخاصة دول الخليج العربي وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية.
وعندما كان العدو الإسرائيلي يدك بمدافعه المدن والقرى اللبنانية ويدمر بطائراته المنازل والمدارس والجسور والمنشآت في عدوانه الغادر على لبنان سنة 2006، لم يجد لبنان إلا الدول العربية بجانبه والتي عملت على إعادة بناء ما هدمته الحرب. وعندما دمرنا لبنان بأيدينا، بحرب أهلية عبثية سنة 1975، لم نجد إلا الدول العربية الشقيقة التي أعادت بناء بلدنا واقتصادنا، ورعت مسيرة البناء والإعمار وأنهت الحرب وأحيت المؤسسات الدستورية وأعادت لبنان إلى الخريطة العالمية. فهل ننسى مؤتمر الطائف ونتائجه في إحلال سلام لبنان وأمنه وازدهاره وعيشه المشترك؟ من هذا المنطلق يندد المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى بالاعتداءات الإرهابية المتكررة التي قامت بها الميليشيات الحوثية على دولة الإمارات العربية المتحدة وعلى المملكة العربية السعودية، ويعتبر أن أي اعتداء عليها أو على أي دولة عربية من دول مجلس التعاون الخليجي هو اعتداء على العرب والمسلمين جميعا. وموقفه ثابت وحازم من هذه الممارسات الإرهابية التي لن تلقى منه إلا الرفض والاستنكار والإدانة لأنها تستهدف دولا عربية شقيقة كانت دائما نصيرا للبنان وداعمة لشعبه في كل الظروف الصعبة التي مر ويمر بها وطننا.
خامسا: إن إجراء الانتخابات النيابية، ومن ثم الرئاسية في مواعيدها الدستورية، هي إحدى المقومات الأساسية والجوهرية لنظامنا الديموقراطي البرلماني الذي يعتمده لبنان في دستوره، ونحن نحرص كل الحرص على التزام الحكومة اللبنانية إجراء هذه الانتخابات في مواعيدها دون تأخير، لكي يكون للبنانيين قرارهم الحر في أمر مستقبل بلدهم، ولكي تنتظم أمور حياتهم في إطار الدستور، ولينعموا بالاستقرار بعيدا من حال الفوضى والفساد التي تسود حياتهم، وعلى الحكومة أن توفر لهم كل العناصر والإمكانات لكي يمارسوا حقهم الانتخابي في مناخ من الحرية والاطمئنان والنزاهة، ويبنوا حياتهم من جديد، على أساس الحق والعدالة والمساواة واحترام القانون والنظام العام.
إن دار الفتوى والمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى سيبقيان أمينين على وحدة لبنان واللبنانيين والعيش المشترك، وعلى دورهما الوطني الجامع الذي يحفظ لبنان وشعبه ويساوي بين مواطنيه ويكون حصنا للسيادة والحرية ومثالا للأخوة الإنسانية والانفتاح والاعتدال”.