السياسة الكويتية… قيادة وريادة

كتب د. عيسى محمد العميري في صحيفة الراي.
لطالما أثبتت السياسة الكويتية ريادتها الفائقة وبشهادة المراقبين الدوليين والمتابعين للشأن السياسي والدبلوماسي، والتي ظهرت من قبل ومن بعد، الأمر الذي أكسبها مكانة دولية مرموقة.
فكان لسياستها عظيم الأثر البناء، ولعلنا أكثر ما يمكن أن نتبين ذلك الأثر من خلال ردود الأفعال الدولية إبان فترة الغزو الصدامي الغاشم في تسعينيات القرن الماضي، وتمت ترجمته من خلال مساندة الدول للحق الكويتي ووقوفها إلى جانب الكويت إبان الغزو، الأمر الذي أسهم بدرجة مهمة في عودة الحق الكويتي لأصحابه، وهو الأمر الذي يؤكد صحة تلك الدبلوماسية التي نتحدث عنها.
فقد كان رصيداً مهماً في الملمات والظروف الصعبة التي تعرضت لها الكويت.
وعودة إلى سياسة الدبلوماسية الكويتية خلال العقود المنصرمة نقول إن الأدوار التي لعبتها الكويت والوساطات النزيهة والمحايدة التي قامت بها في العديد من المواقف، نسردها بشكل مختصر، بدءاً من اتفاق السلام في اليمن في عام 1972، حيث نجحت الوساطة الكويتية في إنهاء الصراع العسكري بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي. ومروراً بالوساطة عام 1968 حيث نجحت في حل الخلاف الإيراني – البحريني الذي اندلع إثر الادعاءات الإيرانية بأحقيتها في الأراضي البحرينية، وانتهت الأزمة بإجراء استفتاء شعبي واستقلال البحرين في 1971.
كما أسفرت الوساطة الكويتية الناجحة بين سلطنة عُمان وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عام 1980 عن توقيع اتفاق خاص بإعلان المبادئ ساهم في تخفيف التوتر بين الدولتين.
كما تواصلت الدبلوماسية من خلال وساطاتها الناجحة في أقاليم أخرى غير عربية، مثل وساطة الكويت لحل النزاع بين باكستان وإقليم البنغال عام 1971، ونجحت الكويت في إنهاء هذا النزاع وإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وسياسية بين باكستان وبنغلاديش. كما لا ننسى جهود الوساطة للجنة السداسية للتوفيق بين الأفرقاء في الجمهورية اللبنانية إبان الحرب الأهلية التي دمرت البلاد والعباد، وساهمت السياسة والدبلوماسية الكويتية مع أشقائها في الجامعة العربية في إنهاء تلك الحرب التي توجت باتفاق الطائف.
وأيضاً ومع تفاقم الخلاف بين تركيا وبلغاريا بين عامي 1986 و1989 حول مشكلة الأقلية التركية في بلغاريا، لعبت الكويت دوراً رئيسياً في إنهاء هذا الخلاف، وتشكلت لجنة تسوية لحل المشكلة.
وعلى صعيد متقارب، سارعت الكويت إلى دعم الجهود الدولية لوضع حد للأوضاع المؤسفة التي شهدها اليمن إبان تلك الفترة، حيث استضافت على أراضيها مفاوضات سلام بين طرفي النزاع بمشاركة الأمم المتحدة، وكان ذلك عام 2016.
وتلاحقت تأثيرات تلك الدبلوماسية من خلال الوساطة الكويتية التي لعبت دوراً رئيسياً ومهماً، تمثل في إتمام المصالحة العربية بين الرباعي العربي، الإمارات ومصر والسعودية والبحرين، ودولة قطر، خلال قمة «العُلا» الخليجية التي تضمن بيانها الختامي اتفاق المصالحة. وتم وضع حل لهذه الأزمة.
من هنا ومن هذا المنطلق المختصر نجد أن الدبلوماسية الكويتية لها عظيم الأثر في رأب الصدع وتقريب وجهات النظر وحل الخلافات بين الأشقاء والأفرقاء في العالم أجمع، الأمر الذي أكسبها مكانة مرموقة على الخريطة السياسية والدبلوماسية في العالم.