السوداني في مسقط: مساعٍ لتفادي مواجهة إقليمية جديدة

كتب فقار فاضل, في الأخبار:
يسعى السوداني من مسقط إلى تثبيت دور العراق كوسيط في خفض التوتر بين واشنطن وطهران، وسط مخاوف من مواجهة إيرانية ـ إسرائيلية تهدّد استقرار المنطقة.
في خضمّ احتدام التوتر الإقليمي وتزايد المخاوف من عودة المواجهة بين إيران وإسرائيل، يتوجّه رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، اليوم، إلى مسقط، في زيارة رسمية بدعوة من السلطان هيثم بن طارق. وتؤكّد مصادر حكومية، لـ«الأخبار»، أنّ الزيارة ستتناول «قضايا مهمّة، أبرزها جهود التهدئة الإقليمية»، في ظلّ مسعى عراقي لإرساء مسار دبلوماسي يقي المنطقة الانزلاق نحو مواجهة شاملة، خصوصاً أنّ العراق يُعدّ أكثر الدول عرضة لتأثير أي تصعيد، وذلك بسبب وجود قوات أميركية على أراضيه.
وبحسب مصادر قريبة من مكتب السوداني، فإنّ زيارة مسقط تأتي امتداداً لسلسلة اتصالات أجراها رئيس الوزراء في أثناء الأسابيع الماضية، كان أبرزها مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون. وتشير المصادر إلى أنّ «العراق يحاول أن يحمل شعلة الدبلوماسية لخفض التصعيد، وربما المساهمة في مبادرة إقليمية تُعقد في عُمان، تجمع أطرافاً دُولية من بينها الولايات المتحدة وإيران».
وفي الاتجاه نفسه، يقول مصدر مطّلع، لـ«الأخبار»، إنّ «زيارة السوداني إلى مسقط لا تقتصر على البعد البروتوكولي أو الثنائي مع السلطنة، بل يُتوقَّع أن تشهد لقاءات غير معلَنة مع مسؤولين أميركيين، لمناقشة ملفات عراقية حسّاسة، في مقدّمها نشاط الفصائل، ومستقبل قانون الحشد الشعبي، إلى جانب قضايا تتعلّق بالوجود العسكري الأميركي». ويضيف أنّ «الهدف الأساس هو إدارة حوار يمنع تجدّد الحرب في المنطقة، ويضع العراق في قلب أي معادلة إقليمية مقبلة».
لقاءات مع مسؤولين أميركيين تشمل ملفات من مثل نشاط الفصائل المسلحة وقانون «الحشد» والوجود العسكري
ومنذ سنوات، تحاول بغداد أن ترسّخ لنفسها موقع الوسيط المقبول بين المتخاصمين، مستندة إلى علاقاتها المتوازنة نسبيّاً مع كل من واشنطن وطهران. لكنّ مراقبين يحذّرون من أنّ الانقسام الداخلي العراقي، وتباين مواقف القوى السياسية، قد يحدّان من قدرة السوداني على المناورة في ملفات كهذه.
ومع ذلك، يرى السياسي علي الخفاجي، المقرّب من الحكومة، بدوره، أنّ الزيارة «مهمّة للغاية، وتحمل نقاطاً يمكن أن تُسهم في تبريد المنطقة بعد اشتعالها»، مشيراً إلى أنّ «العراق يخشى ارتدادات المواجهة بين إسرائيل وإيران، ويعمل لتجنّب انعكاساتها المباشرة على أمنه واستقراره الداخلي».
أمّا الباحث في الشأن الإقليمي، أحمد الأنصاري، فيشير إلى أنّ «سلطنة عُمان باتت قِبلة للتّهدئة في المنطقة، ومن غير المستبعد أن تستضيف في أثناء المدّة المقبلة لقاءً أميركياً ـ إيرانياً، تشارك بغداد في هندسته». لكنّ الباحث السياسي، ياسين البكري، يعتقد أنّ «العراق يفتقد حتى الآن بوصلة خارجية موحّدة، بخلاف سلطنة عُمان التي راكمت خبرة واسعة في الوساطات»، مستدركاً بأنّ «رسالة السوداني واضحة، وهي أنّ العراق لا يريد الانجرار إلى أي حرب جديدة، بل يسعى إلى أن يكون جزءاً من الحلّ». ويضيف أنّ «زيارة السوداني إلى مسقط تحمل في طيّاتها محاولة عراقية لتوظيف اللحظة الحرجة إقليمياً، والاقتراب من مسار يوازن بين مصالح واشنطن وطهران».