السعودية وكأس العالم
كتب عادل فهد المشعل في صحيفة الراي.
غمرتني السعادة بصورة كبيرة عندما قرأت خبر فوز المملكة العربية السعودية الشقيقة بشرف تنظيم كأس العالم لعام 2034م، لتصبح المملكة العربية السعودية ثالث دولة عربية تقوم بتنظيم كأس العالم بعد دولة قطر والمملكة المغربية، التي ستنظمها مشاركة مع إسبانيا والبرتغال في عام 2030م، بيد أن المملكة العربية السعودية ستقوم بتنظيمها منفردة ما يضع المسؤولية على عاتقها، وهي قادرة على القيام بذلك منفردة نظراً لقدرتها المادية والإدارية والفنية على تنظيم تلك التظاهرة العالمية.
إنّ الفرحة باتت تعم الشعب الكويتي، وقد شعرت وكأن دولة الكويت هي التي فازت، فنحن والمملكة العربية السعودية دولة واحدة وشعب واحد وكذلك الأمر ينطبق على شعوب دول مجلس التعاون الخليجي.
ويعتبر هذا الإنجاز امتداداً لسلسلة من الإنجازات التي حققتها المملكة العربية السعودية بقيادة جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين سمو الأمير الملكي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظهما الله ورعاهما، في المجال الرياضي والذي يضاف إلى بقية المجالات المختلفة حيث التشييد والارتقاء الذي عاشته السعودية خلال نصف قرن من الزمن.
وقد لفت انتباهي خبر قرأته في أحد المواقف الإخبارية عن اللاعب الأرجنتيني الشهير دانييل بيرتوني، بطل كأس العالم 1978م الذي لعب مع اللاعب ماريو كمبس، والذي أكد أن العالم مع موعد للتعرف على الثقافة السعودية، متوقعاً أن تلك النسخة ستكون الأفضل عبر التاريخ وهي فرصة للسعودية من أجل إظهار ثقافتها للعالم، خصوصاً أنني شاهدت السعودية تهزم الأرجنتين في كأس العالم بقطر عام 2022م، وأمامها فترة مناسبة لتحضير منتخب رائع ينافس بشكل جيد.
وكل من تابع الرياضة السعودية بشكل عام وفي كرة القدم بشكل خاص فإنه سيستشف النقلة النوعية التي شهدتها في السنوات الأخيرة حيث تم وضع قوانين شاملة لتنظيم الاحتراف في الأندية السعودية، فكان حضور العديد من نجوم العالم إلى الدوري السعودي بعد أن كان لهم إبداع كروي في الأندية الأوروبية، علما بأن أول لاعب محترف في السعودية كان اللاعب البرازيلي روبورتو ريفلينو، حيث لعب في نادي الهلال ما بين عام 1978م إلى عام 1981م.
ولم يأت هذا الانجاز صدفة بل بعد أن قامت المملكة العربية السعودية بتقديم ملف متكامل أقنع الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» بأهلية السعودية الشقيقة في تنظيم كأس العالم.
وقد كانت «الفيفا» موفقة وهي تتبع سياسة أن يتم تحديد من سينظم كأس العالم بصورة مبكرة وليس قبل أربع سنوات فقط كي يتم منح الوقت الكافي لحسن الإعداد ومن أجل نجاح الدولة المنظمة لكأس العالم.
ولأن إرادة الحزم والعمل الجاد هي فلسفة السعودية في إدارة الملفات، قام ولي عهد السعودية بالإعلان عن تأسيس «الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم لعام 2034م»، تحت شعار «معاً ننمو» رغم أن الوقت ما زال مبكراً، إنما يأتي هذا القرار ليعكس الجدية في العمل لتنفيذ المشاريع التنموية الشاملة التي ستعود بالخير على الشعب السعودي الشقيق حتى بعد الانتهاء من تنظيم كأس العالم بنجاح إن شاء الله، وما فتح قطار الرياض أخيراً إلا خطوة في تحديث وتطوير البنية التحتية.
إن تنظيم كأس العالم ليس أبجديات وقرارات تكتب على الورق بل هو عمل متفان، وهو منظومة متكاملة من الألف إلى الياء، شاملاً البنية التحتية من طرق ووسائل نقل وخدمات صحية واتصالات قبل أن تكون ملاعب حديثة وفنادق ومركزاً إعلامياً فقط.
إنّ المملكة العربية السعودية تمر بلحظة حصاد لبناء الإنسان السعودي، فهو شعب متعلّم ومعظمه فتي كون نسبة الشباب مرتفعة، كما أن الشباب السعودي من الجنسين يمتلك مهارات إبداعية كبيرة تمنحه الفرصة الكبيرة ليقدم ما لديه من أفكار تبث الدهشة لدى المتلقي.
ولأن المملكة العربية السعودية مترامية الأطراف، وتمتلك نسيجاً عميقاً متعدد الثقافات فإنه سيتم تطويع التقنية لإحداث التقارب لينصهر في بوتقة واحدة تقدم الصورة الحديثة للمجتمع السعودي خصوصاً أن العالم بات «فريج» بل وغرفة وليس قرية.
ولن أكون مبالغاً إنْ قلت إنّ الثقافة ستكون حاضرة مع تلك التظاهرة الرياضية لأن العالم بات مرتبطاً بالعديد من الأمور، وهي فرصة لتكون الرياضة تمارس وهي تحمل رسائل سلام ومحبة لكل دول العالم.
ومثلما نجحت دولة قطر الشقيقة في تقديم كأس عالم أسطورية فإنّ المملكة العربية السعودية قادرة على أن تنظم مونديال كرة قدم يفوق الخيال، خصوصاً أن فريق العمل بقيادة ولي العهد، قادر على جعل مونديال السعودية مذهلاً ويكون حديث الناس على مدى قرون من الزمن.
إنّ المملكة العربية السعودية تمتلك من الآثار القديمة والطبيعة الخلابة التي تجعلها مكاناً سياحياً جاذباً لرؤوس الأموال وأفواج السياح بصورة كبيرة.
ولعل البعض لا يعلم خصوصاً من الجيل الجديد أن أرض المملكة العربية السعودية كان بها تعايش الأديان «اليهودية والمسيحية والإسلام»، وأن بها بعض الكنائس القديمة، وأن هناك الزراعة المتطورة، منها زراعة الزيتون وتصدير الورود إلى مختلف دول العالم للمساهمة في تلبية الطلب المتزايد. فقد نشرت صحيفة «اليوم» أنه تم تصدير ما يعادل نحو ألف وثمانمئة طن من الزهور إلى الكثير من دول العالم، خصوصاً الورد الطائفي الذي يستخدم في صناعة العطور، وهناك قائمة طويلة من العناصر التي تمثل قوة السعودية والتي تعكس مكانتها إقليمياً وعالمياً.
ولقد تابعنا عبر التلفزيون والبرامج الوثائقية تفاصيل كأس العالم لكرة القدم منذ انطلاقتها عام 1930م، وبالتالي فإن منطقة الخليج العربي باتت محط أنظار العالم، فهي ليست مجرد دول نفطية فقط كما ينظر إليها البعض، بل هي تاريخ وحضارة وإصرار إنسان على التأقلم مع متغيرات الحياة والتغلب على الصعوبات كافة التي كانت وما زالت تهدّد الوجود الإنساني.
همسة:
ستنجح السعودية بتنظيم كأس العالم بصورة رائعة إن شاء الله.