رأي

السعودية تقطع الطريق على البازار الرئاسي

كتب أسعد بشارة في صحيفة نداء الوطن.

عندما انتهت مهمة آموس هوكشتاين مرحلياً، كان البعض في بيروت قد تنفس الصعداء. حملت المهمة مضامين لتسوية على قياس المسعى الأميركي، الهادف إلى منع توسع الحرب، ولو بثمن قد يكون مكلفاً. فحوى المسعى، البدء بمفاوضات تلي وقفاً لإطلاق النار، تعقبها ترتيبات أمنية، ومحاولة سحب «حزب الله» الى ما وراء الليطاني، وربما القبول بانسحاب شكلي، ثم الانتقال إلى انتخاب رئيس للجمهورية، من ضمن صفقة متكاملة، تشمل ترسيم الحدود، وتقديم إغراءات اقتصادية تتمثل في استئناف التنقيب عن الغاز، وتأهيل منشآت النفط.

لم يلتفت هوكشتاين إلى أيّ هاجس أبدته المعارضة، وقد كان لقاؤه مع نوابها في البرلمان، لقاءً شكلياً فيما كان التفاوض يجري حصراً مع الرئيس نبيه بري. في سياق متوقع لما كان سيحصل لو سهّل «حزب الله» مهمة هوكشتاين، يمكن تصور سيناريو عودة الهدوء إلى الجنوب، وعودة المستوطنين الى شمال إسرائيل، والبدء بالترسيم، وانتخاب رئيس على قياس الصفقة، سواء سليمان فرنجية أو ما يعادله في الولاء لـ»حزب الله». عن الانتخابات الرئاسية سأل هوكشتاين وفد المعارضة، فأجابوه بأن عليه أن يسأل من وصفه بالـBoss، أي رئيس المجلس، لأنه يتولى تعطيل اجتماع المجلس النيابي. سأل هوكشتاين ولم يُجب، وكان همه في مكان آخر.

في الضفة المقابلة، تحرك نواب «تكتل الاعتدال»، بدفع واندفاع بدا وكأنه مطلوب سعودياً. هدف المبادرة إعادة وضع قطار الخماسية على السكة الصحيحة، لمنع اتساع لغة البيع والشراء، التي اتسع نطاقها مع طرح الكثير من الأسماء، من دون التنسيق داخل مجموعة الخمس. أمسكت السعودية عبر سفيرها في بيروت بالمبادرة، وقالت من خلال مبادرة الاعتدال، ومن خلال إعادة تنسيق المواقف بين الدول الخمس، بأن المطلوب رئيس الخيار الثالث، القادر على القيام بعملية إصلاح سياسي واقتصادي، لا الرئيس المحسوب على المعارضة أو على «حزب الله»، والمرتهن لهذا الطرف أو ذاك.

وقد بدا بوضوح أنّ الدينامية السعودية أرادت قطع الطريق على أي بازار يضحي بالرئاسة من أجل ترتيب صفقة في الجنوب، فالرئاسة ليست ثمناً مناسباً كي يدفع من كيس اللبنانيين، ولن تكون.

سيناريو هوكشتاين الذي طوي إلى حين، ليس من المستبعد أن يستعاد، إذا ما نجحت الإدارة الأميركية في ترتيب هدنة في غزة. عندها سيعود مبعوث الرئيس الأميركي إلى بيروت حاملاً المسعى نفسه، على وقع استعادة الهدوء في الجنوب (إلا إذا قررت اسرائيل استمرار العمليات العسكرية)، لكن في المقابل سيواجه أي بازار رئاسي بمعارضة جدية، عنوانها رفض تقديم الجوائز لـ»حزب الله»، بما يمكنه من تمديد سيطرته على الرئاسة لست سنوات جديدة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى