اقتصاد ومال

الريال اليمني المنهار يقترب من الألف الثاني

دخلت الأزمة المالية والمصرفية في اليمن مرحلة خطيرة، في ظل تسارع انهيار العملة المحلية والوضعية المقلقة للقطاع المصرفي. وسجّل سعر صرف الريال اليمني رقماً قياسياً غير مسبوق في عدن ومناطق الحكومة المعترف بها دولياً بتجاوزه حاجز 1800 ريال مقابل الدولار، وسط توقعات ترجح اقتراب العملة من الوضعية الكارثية حيث بالإمكان أن يسجل سعر الصرف رقم الألف الثاني مع نهاية الشهر الحالي، في حال استمر الانهيار بهذه الوتيرة المتسارعة.

يأتي ذلك بالتزامن مع تنفيذ إجراءات جديدة لصرف الحوالات الخارجية، حيث أعلن البنك المركزي في عدن عن مجموعة تدابير لتنظيم الحوالات المالية قال إنها ملزمة لكافة شركات الصرافة المحلية تتضمّن تحديد سقف للحوالات الداخلية بنحو عشرة آلاف دولار في اليوم الواحد، أو ما يعادلها من العملات الأجنبية، في حين يستمر البنك المركزي التابع للحوثيين في صنعاء بتطبيق متشدّد للإجراء الذي يتبعه منذ الشهر الماضي والذي يلزم شركات الصرافة والبنوك بصرف الحوالات الخارجية بالريال السعودي، خصوصاً في حال كانت بالدولار.

وذكرت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” أن البنك المركزي الحكومي في عدن تلقّى دفعتين من المنحة السعودية لدعم الموازنة العامة للدولة وشراء المشتقات النفطية، يأتي ذلك عقب إعلان البنك مطلع الشهر الحالي يونيو/ حزيران عن المزاد الثامن للعام الحالي 2024، لبيع العملات الأجنبية، وأكدت مصادر مصرفية مطلعة أن ذلك يرجع لبدء استيعاب الدفعة الثالثة من المنحة السعودية التي يُخصّص جزء كبير منها لمزادات بيع العملات الاجنبية، قبل أن يتبعها بالقرارات التي طاولت البنوك والمصارف العاملة في صنعاء مع انتهاء المدة التي منحها لها للانتقال إلى عدن نهاية مايو/ أيار الماضي 2024.

بالمقابل، تستمر صنعاء في التنفيذ الصارم لإجراءاتها الاحترازية للتعامل مع تبعات هذه القرارات والتطورات. الباحث المصرفي نشوان سلام أوضح لـ”العربي الجديد” أن هناك عشوائية في إدارة السوق المصرفية من قبل البنك المركزي في عدن والذي حاول الهروب من أزماته وفشله في كبح جماح المضاربين ووقف انهيار العملة باستهداف البنوك، بهدف الضغط على الحوثيين للموافقة على استئناف تصدير النفط الخام.

لكن المفاجأة التي لم يحسب لها البنك المركزي الحكومي أي حساب، وفق سلام، بينما كان قد استعد لها الطرف الآخر، لم تتوقف عند حدود سحب الدولار بطبعتيه البيضاء القديمة طبعة 2003 و2006، والدولار الأزرق طبعة 2013، وتقنين تدريجي وصل إلى ايقاف البنوك عن التداول بالدولار وضخ كمية كبيرة من الريال السعودي.

تأثيرات على الريال اليمني

ورصد “العربي الجديد” التزام شركات ومحال الصرافة في صنعاء ومناطق نفوذ الحوثيين بصرف الحوالات الخارجية بالريال السعودي، خصوصاً المرسلة منها بالدولار. وأكد مازن القادري، موظف في شركة صرافة، لـ”العربي الجديد”، أن الحوالات بالدولار يتم تسلميها للمستفيدين منها بعد مصارفتها بالريال السعودي مهما كان مبلغ الحوالة المرسل بحسب الإجراءات المشددة التي ألزمتهم بها سلطة صنعاء، بينما يشير متعاملون في سوق الصرافة بمناطق الحكومة مثل عدن وحضرموت وغيرها إلى أنه حتى الحوالات الداخلية المرسلة من مناطق نفوذ الحوثيين يتم إرسالها وتسليمها بالريال السعودي.

ويتحدث مواطنون تلقّوا حوالات مرسلة من أقاربهم من مختلف دول الاغتراب، حتى المرسلة منها بالدولار، أنهم استلموها بالريال السعودي، بينما أفاد متعاملون في الأسواق بصعوبة شراء الدولار في صنعاء ومناطق نفوذ الحوثيين حيث من المرجح تعميم السلطات في هذه المناطق لشركات ومحال الصرافة بعدم بيع الدولار، خصوصاً للمواطنين العاديين، وتقنين بيعه وفق معايير مشددة تأتي في إطار إجراءاتها الاحترازية للمحافظة على الدولار.

كملك دشّنت السلطات النقدية في صنعاء قراراها الذي ردت به على البنك المركزي الحكومي في عدن حول طبعات النقد القديم، بتعويض المواطنين الحائزين على عملة قديمة في نقاط استبدال معتمدة أنشأتها لهذا الغرض في أحد منافذ مناطق التماس مع المناطق الحكومية. وأكّد مسؤولون في هذه المنافذ أن هناك إقبالاً من قبل المواطنين الحائزين على العملة القديمة من طبعات ما قبل عام 2016، غير أن هناك من يعتبر ذلك مؤشراً على امتلاك صنعاء احتياطياً كبيراً من النقد المطبوع المتداول في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً حيث يتم التعويض وفقاً للسعر الصراف المتداول في عدن.

الباحث الاقتصادي والمصرفي وحيد الفودعي رأى في حديثه مع “العربي الجديد” أنّ وضعية العملة المحلية المقلقة تتطلب مراجعة الكثير من السياسات والإجراءات، لأن هناك بالتأكيد عوامل ليس لها علاقة بالجوانب الاقتصادية والمصرفية بالنظر إلى ما يجري في سوق الصرف وانخفاض الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، حيث إن كل المؤشرات تدل على فعل فاعل يعبث بسوق الصرف.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى