رأي

الرغبة بالسمسرات والخوف من أميركا يحرمان لبنان من الكهرباء

كتب محمد علوش في “الديار”:

كما في كل فترة، تعود العروض الإيرانية لمساعدة لبنان في قطاعات عدّة الى الواجهة، هذه المرة خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان الى لبنان منذ ساعات، حيث أعاد وزير الخارجية التأكيد على استعداد إيران لبناء معامل الكهرباء في لبنان بسرعة قياسية، قبل الحديث عن المقابل المادي.

16 عاماً، وإيران تسعى لتقديم المساعدة الى لبنان بقطاع الطاقة، تقول مصادر قيادية في فريق 8 آذار، مشيرة إلى أن تاريخ تقديم هذه العروض يعود الى ما بعد حرب تموز عام 2006، يوم برز الإهتمام الإيراني بهذا الجانب.

تعود المصادر بالذاكرة الى العام 2009، يوم كان العرض الإيراني المكتوب الأول في هذا المجال، حيث طرحت إيران يومها تصدير الكهرباء الى لبنان بأسعار منخفضة جداً، وبعدها توالت العروض الشفهية لتقديم المساعدة، وأحياناً كانت تأخذ العروض جدية كبيرة، مثل ما حصل عام 2010، وتكرر عام 2012 في حكومة نجيب ميقاتي، حيث كان العرض يومها بناء معملي طاقة في الزهراني ودير عمار بطريقة الـ “BOT” أو بأي طريقة يريدها لبنان، بقوة 484 ميغاوات لكل منهما، على أن يكون التسليم بعد سنة واحدة للمعمل الاول، وسنتين للمعمل الثاني، أي أنه كان يمكن أن يكون عندنا كهرباء منذ 8 أعوام، كذلك مثل ما حصل عام 2017 عندما عرض أحد المسؤولين الإيرانيين بقطاع الطاقة على لبنان استعداد بلاده لتأمين الكهرباء عبر إنشاء المعامل بفترة لا تزيد عن 12 شهراً.

وتكشف المصادر أن كل هذه العروض الإيرانية بقيت في أدراج المسؤولين في لبنان، ولم يتم الإجابة عنها رسمياً أبداً، في كل العهود الوزارية السابقة وكل الحكومات، مشيرة الى أن الجواب لدى من يُسأل كان، أن الحكومة تدرس العروض، ولا زالت.

ان هذه اللامبالاة بالعروض الإيرانية أوصلتنا الى انقطاع التيار الكهربائي عن كل لبنان، وبحال وُجدت التغذية فهي لا تزيد عن ساعتين يومياً، وبكلفة مرتفعة للغاية، وبدل أن نتجه لقبول العرض الإيراني كان التوجه نحو خيار بواخر الطاقة، التي كلفت لبنان أقل من مليار دولار بقليل بدل إيجارات طيل مدة العقد وتمديده وتجديده.

وبحسب المصادر فإن السبب الذي منع لبنان من قبول العروض الإيرانية لم يكن العقوبات على إيران بالدرجة الأولى، لأن العقوبات أُزيلت في فترة توقيع الاتفاق النووي الاول، وكان بإمكان لبنان الإستفادة منها، إلا أن السمسرات والصفقات كانت السبب الأول لرفض العروض، والسبب الثاني، الذي لا يقل أهمية عن الاول، وهو الخوف من ردة الفعل الاميركية، والسبب الثالث هو عدم قدرة المصارف الإيرانية على التعامل مع المصارف اللبنانية بسبب العقوبات، معتبرة أن القلق من أميركا حرم لبنان الكهرباء وغيرها من المشاريع الحيوية التي كان يمكن أن تأتي من الصين أيضاً وروسيا.

لا تُخفي المصادر فشل فريق 8 آذار بكامل أركانه من تحقيق هذا الإنجاز والوقوف بوجه التابعين لأميركا، حتى في زمن الحكومات التي كان يسيطر عليها هذا الفريق، والسبب ببساطة هو ارتباط الاقتصاد اللبناني كاملاً بالدولار الاميركي، وقدرة أميركا على فرض عقوبات على لبنان قد تكون قاسية للغاية، إنما اليوم وتحديداً بحال تم إنجاز الإتفاق النووي الجديد، وتم رفع العقوبات عن إيران، فلن يعود هناك أي حجة لرفض العروض، مشددة على أن “زمن أول تحوّل”، ولن يتم التعاطي مع هذه الملفات بنفس الطريقة في المستقبل القريب، فاللبنانيين يدفعون الثمن غالياً وهذا ما لا يجب أن يستمر.

في كل الزيارات الإيرانية الى لبنان لكل المسؤولين يُعاد طرح هذا الموضوع على طاولة البحث، وما على لبنان سوى أن يكون شجاعاً بأن يقدّم مصلحته ومصلحة شعبه على باقي الأمور، وتشير المصادر إلى أن المصلحة هي ببناء المعامل، لأن كل الحلول الاخيرة كاستجرار الطاقة على سبيل المثال، لن تؤدي الغرض منها بسبب الصعوبات اللوجستية التي يعاني منها لبنان وشبكة الكهرباء فيه.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى