شؤون دولية

الرئيس التونسي يندّد بـ«تدخل غربي سافر» في شؤون بلاده

ندّد الرئيس التونسي قيس سعيّد، الخميس، بما عدّه «تدخلاً سافراً» في شؤون بلاده، في أعقاب انتقادات دولية لحملة توقيفات واسعة طالت معلّقين سياسيين ومحامين وناشطين في منظمات دولية، وكلّف وزارة الخارجية استدعاء ممثلي البعثات الدبلوماسية للدول، التي أصدرت مواقف من هذا القبيل.

وقال سعيّد إثر لقائه، ليل الأربعاء – الخميس، كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، منير بنرجيبة: «ادعُ في أقرب الأوقات سفراء عدد من الدول، وممثلي بعض الجهات في تونس، وبلّغهم احتجاجاً شديد اللهجة بأن ما يفعلونه هو تدخل سافر في شؤوننا الداخلية، وبلّغهم أن تونس دولة مستقلة متمسكة بسيادتها».

وتابع الرئيس سعيد محتجاً: «نحن لم نتدخل في شؤونهم عندما اعتقلوا المحتجين… لأنهم ندّدوا بحرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني… بلّغهم بكل وضوح بأن تونس لم تصب بالقلق ممن صرح بأنه يشعر بالقلق، فسيادتنا حقيقة وليست حبراً على ورق». وعلى مدى الأيام الماضية، أوقفت السلطات التونسية شخصيات من المجتمع المدني، مثل الناشطة المناهضة للعنصرية سعدية مصباح، والعديد من المحامين. بالإضافة إلى معلّقين سياسيين في المحطات الإذاعية والتلفزيونية. كما تم يوم السبت توقيف المحامية سنية الدهماني، وهي أيضاً معلّقة سياسية ومنتقدة للرئيس سعيّد، بالقوة من قِبل عناصر من الشرطة ملثمين أثناء لجوئها إلى مبنى «دار المحامي» بالعاصمة تونس. إضافة إلى المحامي مهدي زقروبة الذي تم نقله إلى المستشفى بشكل عاجل ليل الأربعاء، بعد تعرّضه للضرب أثناء الاحتجاز وفقدانه الوعي، بحسب العديد من المحامين.

وتأتي تصريحات سعيّد بعد مواقف غربية ندّدت بموجة التوقيفات، التي شملت كذلك المعلّق مراد الزغيدي، ومقدم البرامج التلفزيونية والإذاعية برهان بسيّس نهاية الأسبوع الفائت، إثر تصريحاتهم وتدويناتهم المنتقدة الوضع في البلاد. وندّدت الولايات المتحدة، الثلاثاء، بموجة التوقيفات، واعتبرت أن ممارسات السلطات تناقض حريات يكفلها الدستور. بينما أعربت فرنسا الثلاثاء عن «قلقها» بعد توقيف الدهماني بتهمة نشر «معلومات كاذبة بهدف الإضرار بالسلامة العامّة»، وفق وسائل إعلام تونسية. كما أعرب الاتحاد الأوروبي الثلاثاء عن «قلقه» إزاء موجة التوقيفات، مؤكداً أن حرية التعبير واستقلالية القضاء يشكلان «أساس» شراكته مع تونس.

في المقابل، أكد الرئيس التونسي أنه «لا مواجهة مع المحامين»، الذين أعلنوا هذا الأسبوع إضراباً، إثر أمر قضائي بحبس محامية بارزة معروفة بانتقادها الرئيس. ونقلت الرئاسة التونسية عن سعيّد القول لدى استقباله وزيرة العدل، ليلى جفال، مساء الأربعاء أنه «لا أحد فوق القانون والجميع متساوون أمامه». وشدد على أنه «لا وجود إطلاقاً لأي مواجهة مع المحامين كما يتم الترويج لذلك، فكما أن حقّ التقاضي مضمون فإن حقّ الدفاع بدوره مضمون، كما ينصّ على ذلك الفصل 123 من الدستور». مشيراً إلى أن ما حصل خلال الأيام الأخيرة «لا يتعلّق أبداً بسلك المحاماة، بل بمن تجرّأ وحقّر وطنه في وسائل الإعلام، وبمن اعتدى بالعنف على ضابط أمن»، في إشارة لاعتقال المحامية سنية الدهماني عقب استدعائها للتحقيق، إثر تعليق سخرت فيه من العيش في تونس، خلال برنامج تلفزيوني كان يتحدث عن قضية المهاجرين غير الشرعيين.

في غضون ذلك، بدأ المحامون التونسيون، الخميس، إضراباً في أنحاء البلاد ليوم واحد، حيث خرج المئات منهم إلى الشوارع في العاصمة احتجاجاً على الاعتقالات الأخيرة، وما قالوا إنه «انتهاكات الشرطة». وهذا هو الإضراب الثاني للمحامين التونسيين خلال أسبوع واحد، بعد إضراب مماثل يوم الاثنين، وسط تصاعد للأزمة السياسية في البلاد عقب اعتقال محاميين وإعلاميين قبل أيام، وعقب اقتحام الشرطة التونسية مقر هيئة المحامين لاعتقال المحامي مهدي زقروبة، المنتقد للرئيس قيس سعيّد، بعد اعتقال المحامية الدهماني خلال عطلة نهاية الأسبوع. ورأت بعض أحزاب المعارضة اقتحام مبنى هيئة المحامين «خطوة غير مسبوقة وتصعيداً كبيرا ». وقالت هيئة المحامين وناشطون إن زقروبة تعرّض للتعذيب أثناء احتجازه، وإنه يعاني كدمات شديدة وآثار عنف. لكن وزارة الداخلية نفت بشدة هذه المزاعم، وقالت إن المحامي لم يتعرّض لأي سوء معاملة أو تعذيب. وتجمع مئات المحامين قبالة مقرّ قصر العدالة، الخميس، وهم يرتدون الزي الرسمي، رافعين شعارات مناهضة للشرطة، منها «المحاماة حرة حرة والبوليس على برا»، و«ارفعوا أيديكم عن الصحافة والمحاماة»، و«لا خوف، لا رعب، السلطة ملك الشعب».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى