الذهب يحافظ على مكاسبه مدفوعاً بالطلب الاستثماري.
على رغم تراجع مشتريات البنوك المركزية من الذهب في الربع الثاني من 2023 حافظ المعدن الأصفر على مكاسبه فوق مستوى الـ1950 دولار للأوقية مدعوماً بقوة الطلب الاستثماري وقوة الطلب من قطاع المجوهرات، بحسب ما ذكره أحدث تقرير للصادر من مجلس الذهب العالمي.
انخفض الطلب على الذهب على أساس سنوي باثنين في المئة في الربع الثاني إلى 920 طناً، باستثناء الطلب الاستثماري الذي بلغ 334 طناً بنسبة نمو سبعة في المئة عن الربع المثيل العام الماضي، ويغطي العقود المتداولة في البورصات وغالباً ما يرتبط بمؤثرات ذات علاقة بصحة الاقتصاد وقياس الأخطار وتنويع الأصول في المحافظ الاستثمارية.
قطاع المجوهرات يستهلك مزيدا من الذهب
وأظهر تقرير مجلس الذهب العالمي، أن الطلب على قطاع المجوهرات بلغ 476 طناً مرتفعاً بثلاثة في المئة مقارنة بالربع الثاني من 2022، فيما ارتفع الطلب على السبائك إلى 277 طناً بنسبة نمو بلغت ستة في المئة مقارنة مع الربع الثاني من 2022، وهذه الأرقام ترافقت مع زيادة في المعروض من الذهب بسبعة في المئة من القطاعات الإنتاجية المختلفة وبلغ 1255 طناً خلال الفصل الثاني من هذا العام، فيما بلغ إنتاج المناجم 923.4 طن مرتفعاً بأربعة في المئة مقارنة بالربع الثاني من العام الماضي.
وبلغ حجم إعادة التدوير “إعادة بيع الذهب في سوق التجزئة” 322.3 طن مرتفعاً بـ13 في المئة مقارنة بالربع الثاني من 2022، فيما تراجع الطلب التكنولوجي على الذهب 10 في المئة إلى 70.4 طن، وبلغ الطلب من قطاع الإلكترونيات بـ 56.4 بتراجع 12 في المئة مقارنة بأرقام الربع الثاني من 2022.
أسعار الفائدة واتجاهات عوائد السندات
في السياق، تربط حركة الذهب في الأسواق المالية والبورصات بعدد من العوامل يأتي على رأسها الطلب الاستثماري وأحجام التداول الكبيرة في البورصات التي يتم فيها تداول أدوات مالية كثيرة ومتنوعة مشتقة من الذهب ومقومة بالذهب، وهو ما يجعل الذهب شديد الحساسية مع اتجاهات أسعار الفائدة وقرارات البنوك المركزية، وتابعنا أخيراً تفاعل الذهب مع قرار “الفيدرالي” في اجتماع شهر يوليو (تموز) 2023 برفع الفائدة 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.25-5.50 في المئة، في أعلى مستوى من سعر الفائدة في 22 عاماً، وتم اتخاذ القرار بالإجماع للمرة الحادية عشرة منذ مارس (آذار) 2022.
وتطابق بيان قرار “الفيدرالي” الشهر الماضي مع بيان يونيو (حزيران) 2023 ولم يختلف كثيراً، وخلال المؤتمر الصحافي لرئيس “الفيدرالي الأميركي”، جيروم باول قال إن السياسة النقدية الآن مقيدة، وإن شروط الائتمان متشددة وسوف يتم تشديدها أكثر، وأهم ما ذكره جيروم باول وتفاعلت معه الأسواق، أن “الفيدرالي” لم يتخذ قراراً مسبقاً في شأن تشديد الفائدة ورفعها، إنما الأمر سيكون متروكاً للتقييم كل شهر على حدة، ويتخذ القرار اعتماداً على نتائج البيانات الاقتصادية، وهذه الإشارة فهمتها السوق أن “الفيدرالي” ربما يكتفي بهذا الرفع للفائدة وأنها الأخيرة في هذه الدورة من تشديد السياسة النقدية، على رغم أن جيروم باول ترك الباب موارباً، وأنه سيستمر في التشديد اعتماداً على نتائج البيانات الاقتصادية.
على ضوء هذا تفاعل الذهب مع بيان نمو الناتج المحلي الذي صدر بعد قرار “الفيدرالي” وتراجع المعدن الأصفر بـ 40 دولاراً في جلسة تداول واحدة وهبط سعر الذهب من مستوى 1983 إلى 1943 دولاراً ثم عاود الارتفاع بداية هذا الأسبوع بعد الضغوط التي تعرض لها الدولار.
يمكن القول إن الذهب سيعتمد في حركته خلال الفترة المقبلة على تحركات الدولار وعلى اتجاهات عوائد السندات وبدرجة أكبر سيتأثر بنتائج البيانات الاقتصادية التي تصدر بصورة دورية من الولايات المتحدة الأميركية.