رأي

الذكاء الاصطناعي التوليدي في الخليج.. آفاق وتحديات

كتب د. ضاري عادل الحويل في صحيفة القبس.

في مقابلة حديثة في برنامجي المفضّل، «بدون ورق»، والذي يستمر فيه إبداع العزيزين فيصل ومنيرة، واستضافتهما لأخي العزيز الدكتور فيصل الرفاعي، المدير العام بالتكليف الرئيس التنفيذي لقطاع العمليات في معهد دسمان للسكري التابع لمؤسسة الكويت للتقدّم العلمي. خلال المقابلة الرائعة أخذنا الأعزاء في نزهة فكرية متناولين مواضيع عديدة مهمة عن نمط الحياة الصحية وتأثير التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي على حياتنا اليومية. ردد الدكتور فيصل جملة كنّا تحدثنا فيها من فترة، حيث أشار إلى أن الركود والسكون والجمود، من دون أي تقدّم، هي في حقيقة الأمر تراجع! بينما نُبحر في ثورة الذكاء الاصطناعي وتتسابق الأمم نحو تقدّمها، لا مجال للركود!
على نفس النسق، تشرفنا بالحديث عن أبرز الفرص والتحديات للذكاء الاصطناعي التوليدي في القطاع الصحي بدول مجلس التعاون الخليجي ضمن مشاركتنا رفاق سلاح الأبحاث في مجموعة «زمام» في مؤتمرنا العلمي السنوي في دبي الخير خلال عطلة نهاية الأسبوع. استعرضنا الفرص والتحدّيات المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) في القطاع الصحي بدول مجلس التعاون الخليجي، مع التركيز على تعزيز الأمن السيبراني في هذا المجال.

يُتوقّع أن تصل القيمة السوقية العالمية للذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية إلى 187 مليار دولار بحلول عام 2030 وفق التقارير الحديثة. في دول مجلس التعاون الخليجي، يتوقّع الخبراء مساهمة للذكاء الاصطناعي التوليدي ما بين %1.7 إلى %2.8 من الناتج القومي الإجمالي غير النفطي. في المجال الصحي، لا شك أن الذكاء الاصطناعي التوليدي فرصة لتحويل الأنظمة الصحية لتصبح أنظمة تعلّم مستمرة، حيث يمكنها الاستفادة من البيانات الكبيرة والتحليل الذكي لتحسين الرعاية الصحية بشكل مستمر، مسلطين الضوء على بعض التجارب الناجحة من الإمارات والسعودية. كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتعزيز أمن المعلومات، مما يقلل من أخطار الهجمات الإلكترونية ويحسن قدرة الأنظمة على الكشف المبكر عن التهديدات والتصدي لها.

لكن، لا شك أن مع الفرص، تأتي التحديات، حيث إنه مع الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي، تصبح البيانات الصحية عرضة للتهديدات الأمنية وخروقات الخصوصية. بل يمكن أن «تتسمّم» البيانات بحيث يتم «دس السم بالعسل» إن جاز التعبير، من إدخال بيانات مضلّلة أو مغلوطة لتحريف النتائج والتشويش على القرارات. ما زلنا نفتقر إلى نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي القادرة على تحليل البيانات باللغة العربية بدقة في المجال الصحي، لذا أصبح من الضروري تطوير بيانات محلية ذات جودة عالية لدعم التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي. ناهيك عن مخاوف الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات وأخرى حول كيفية عمل النماذج والخوارزميات، وشفافيتها في آليات اتخاذها للقرارات وما إن كانت تتوافق مع المعايير الأخلاقية.

لم يعد في الوقت متسع! بينما تتسارع الدول في تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي في قطاع الرعاية الصحية، أصبح من الضروري الإسراع في تبني سياسات وممارسات تضمن حماية حقوق الأفراد وخصوصيتهم، مع أهمية الاستثمار في تعليم وتطوير الكوادر الوطنية المتخصصة عبر برامج تدريبية مستدامة تواكب التطورات التكنولوجية. كما أنه من المهم تعزيز التعاون بين دول مجلس التعاون لإنشاء أطر عمل موحّدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، مع تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتسريع تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدّمة في القطاع الصحي، والتي تراعي سياقنا المحلي وثقافاتنا. 

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى