الدولة الأردنية في مواجهة الخطر الصهيوني الداهم.. والازمة الداخلية تتفاقم
كتب الوزير السابق سمير الحباشنة في صحيفة “رأي اليوم “:
في ظل التهديد الوجودي للدولة الأردنية من قبل عُتات الصهيونية – الداعشية ، و تحضرهم كما يبدو لمرحلة جديدة من مراحل بناء المشروع الصهيوني الكبير الممتد بين النيل و الفرات ، و الأردن جزء من مشروعهم . لذا فأن على الدولة الأردنية أن لا تأمن جانب هذا العدو، و لا تُصدق تطميناته المخادعة الملتوية ، و لا تطمينات القوى الدولية ، لأنه بالنهاية لا يحك جلدك إلا ظفرك ، و أن واجب حماية البلاد يقع على الدولة، على حكومتها و شعبها ، ذلك أن السيادة و حماية الأوطان ، هي من صنع الداخل، و لا تُستجدى من الخارج ،و علينا أن لا نضع رؤوسنا في الرمال مثل النعامة ، و نطمئن الى عدو ماكر ابتلع فلسطين كلها و الجولان ، و يتحضر اليوم الى مرحلة جديدة من مراحل مشروعه ، و الأردن ليس خارج هذه المعادلة . فبالإضافة الى مضمون هذا المقال حول سلاح المواطنين ، فأنني أدعو بالضرورة الفورية الى العمل بقانون الخدمة الوطنية العسكرية الإجبارية .
أعيد نشر مقالي حول السلاح و تسليح المواطنين المنشور بتاريخ 7/10/2019 ، لأنه يحمل بعض الرد على التهديد العلني الصهيوني للدولة الأردنية أرضاً و شعباً .
حول سلاح المواطنين
- الأسباب والمعالجة
من القضايا التي تستأثر هذه الأيام على أهتمام الجميع هنا في الأردن ، قضية السلاح الموجود بين أيدي المواطنين ، وتوجه الحكومة الى جمع هذا السلاح ، ولا أدري عن الغاية التي تقف وراء هذا التوجه الحكومي المفاجئ ، من حيث السبب و التوقيت .. أيضاً !!
فالسلاح الذي بأيدي المواطنين موجود منذ نشأة الدولة ، بل وقبلها … وهو يتزايد بفعل زيادة عدد السكان وبفعل التقليد الراسخ لدى الأردني بل والعربي بعامة ، بأهمية أن يكون في البيت قطعة سلاح واحدة على الأقل .كحد أدنى . فالمواطن يرى لحيازته للسلاح نوع من الطمأنينة والأمن الخاص للبيت والعائلة .حيث نعلم أن أغلب البيوت تحتوي على سلاح ، وعلى الاغلب لن يستعمل أبداً ، اللهم للتجريب أو التدرب على الرماية وفي مناطق معزولة وفي مراحل متباعدة ، و هذا ديدن اغلب الناس .
لقد تنبهت الحكومة فجأة أن السلاح بأيدي المواطنين ، لابد وأن يتم سحبه ! وذلك وكما أفصحت حتى تنتهي الجرائم وكذلك استعمالاته في المناسبات على اختلافها ، و الازعاج المترتب على ذلك . والأهم الرماية الخاطئة التي تؤدي في أحيان كثيرة بحياة الابرياء . و أن للحكومة سبب آخر وهو أمكانية إستعمال السلاح في الخروج على النظام العام ، و أستخدامه لعمليات إرهابية ضد الدولة ومنشآتها ورجالاتها و مواطنيها .
- والحقيقة أن تلك الأسباب جميعها وجيهة ولا تجانب الصواب ، فالسلاح لا يجوز أن يكون أداة هدم وقتل وخروج على النظام العام .
وهنا فأنني أتفق مع الحكومة بالاسباب و أختلف معها بالمعالجة.
- للسلاح بعده الوطني
استطاعت الدولة الأردنية أن تحافظ على أمنها الوطني طوال عقود مضت ، ولم يكن السلاح بأيدي المواطنين ، عنصراً سلبياً في الحفاظ على أمن الدولة وسلامتها .
بل ونذّكر بالامس القريب حادثة الإرهاب التي وقعت في الكرك ، و ذلك الدور الأيجابي الكبير للمواطنين ” المسلحين ” في رفد قواتنا الأمنية البطلة في السيطرة على الموقف والقضاء على الإرهابيين.
لكن الأردن ، بالمنظور العام دولة غير آمنه على مستقبلها ، فهي ليست دولة حيادية مثل سويسرا ، ولا تتواجد في إقليم آمن ، بل هي في عين العاصفة دولة مهددة على الدوام من الإرهاب ورياحه السوداء التي تبث علينا من كل الجهات ، و أيضاً ” دون أن نخفي رؤوسنا في الرمال ” فهي مهددة كذلك من المشروع الصهيوني ، الذي أثبت أنه مشروع توسعي لا يقيم للمعايير والاتفاقات الدولية أي اعتبار !
فإذا كانت إسرائيل قد أقدمت على ضم الجولان السوري ، الذي هوخارج” أرض الميعاد ” كما يعتقدون ، فما الذي يمنعها في مرحلة قادمة مواتية ،أن يفكروا بالأردن .. الذي هو في معتقدهم جزء من أرض ” الميعاد ” ؟!
كنت قرأت في مذكرات ” مناحم بيغن ” رئيس وزراء أسرائيل الأسبق ، أنه لما جاء الى فلسطين و وصل الى منطقة الرويشد . قبّل التراب شاكراً ربه أنه وطأ ” أرض الميعاد ” . أننا نسمع و نقرأ للكثير من كٌتابهم و مفكريهم ذلك اللوم الذي لا ينتهي لبريطانيا ، لأنها ” اقتطعت ” شرق الأردن من وعد بلفور !
وفي الحديث عن المرحلة الراهنة ، الكل يعلم أن خطة الرئيس ترامب ترفض قيام دولة فلسطينية ، وترفض حق العودة للفلسطينيين الى ديارهم ..و عدم الممانعة بأن تضم إسرائيل مناطق من الضفة الغربية .
وهل تعتقدون أن ليس لكل ذلك من أضرار على الأمن الوطني الأردني و سلامة الدولة الأردنية ؟!
ما أود الوصول إليه أن الأردن ، بلد غير آمن ، بمعنى وجود تهديدات إقليمية وداخلية حقيقية ، و أن الاردن بالتالي لابد و أن يعزز من قدراته لحماية أمنه و أمن مواطنيه و نظامه السياسي و أرضه .. و أن سلاح المواطنين ، عنصر هام في الحفاظ على ذلك ، وهو سلاح مذخور لأيام صعبة قد تأتي في أي لحظة .
أن علينا أيها السادة أن نبقي السلاح بأيدي المواطنين شريطة تحويله الى قوة وطنية رديفة ، والتخلص من تداعياته السلبية التي نتفق مع الحكومة عليها .
- البديل:
الاول: دعوة كافة المواطنين للتقدم الى وزارة الداخلية للحصول على رخص اقتناء لما لديهم من أسلحة مهما كان نوعها . فنكون بهذا الأجراء قد حولنا هذا السلاح الى سلاح مرخص و شرعي من جهة ، و تكون الحكومة قد وقفت على أماكن هذه الأسلحة وكميته ونوعيته من جهة أخرى . الأمر الذي يسهل بمطلق الأحوال سهولة التعامل مع أي استعمال خارج القانون لأي قطعة سلاح في أي مكان و زمان .
الثاني: وهو ليس ببعيد عن الاقتراح الأول ، وذلك بالعودة الى تجربة الجيش الشعبي التي بقيت الى مطالع السبعينات من القرن الماضي ، بحيث يقوم كل مواطن يمتلك قطعة سلاح ، بتسجيل أسمه في قوائم هذا الجيش ” المفترض ” كذلك نوع السلاح الذي يمتلكه ، وبالتالي يصبح هذا السلاح رديفاً للجيش والاجهزة الامنية في مواجهة أي طارئ يهدد أمن الدولة و نظامها وكيانها من الداخل أو الخارج على حد سواء . على أن يترافق ذلك بتغليظ العقوبات على حمل السلاح أو إستعمالاته الخاطئة .
وبعد.. ليس منطقيا ولا حكيماً من أن نتعرض الى أي عدوان خارجي أو داخلي ، ونحن شعب أعزل .. ولنا كعرب تجارب كثيرة بذلك ، حيث لو لم يكن مواطنينا مجردين من السلاح في تجارب سابقة ، لكانت اختلفت طبيعة المواجهات ، ولكانت اختلفت النتائج أيضاً .
أتمنى على الحكومة وعلى البرلمان مراجعة هذا التوجه بما يخدم بلدنا ويحفظ أمنها ويعزز من قدراتها في وجه أية أيام سوداء ..