لينا الحصري زيلع.
خاص راي سياسي..
كما بات معروفاً يواجه لبنان ومنذ نحو اربع سنوات اكبر ازمة اقتصادية –اجتماعية في تاريخ العالم، كما صنف من قبل المراصد الدولية، ولكن عوضا من معالجة الدولة اللبنانية لهذه الازمة بطريقة علمية، من خلال وضع الاستراتيجيات الاقتصادية العملية لحل الازمة بشكل جذري، فهي لا تزال تعمد لاتخاذ القرارات العشوائية –”الترقيعية”، لكسب المزيد من الوقت بينما المواطن اللبناني يدفع الثمن بالدرجة الأولى .
الخطوة التي قامت بها الحكومة مؤخراً من خلال قرار رفع أجور موظفي القطاع العام، كان لا بد لها من البحث عن سبل لزيادة إيراداتها لتامين حاجاتها وتمويل نفقاتها”، عبر القرار مجددا برفع الدولار الجمركي للمرة الرابعة خلال اشهر قليلة ، حيث رفعت و بشكل متلاحق وسريع الدولار الجمركي من 1500 ليرة، ليتم احتسابه على 15 الف، ومن ثم 45 الفا الى 60، ليصبح اليوم على سعر صرف منصة صيرفة.
مصادر اقتصادية رأت عبر “رأي سياسي”، أن خطوة الحكومة رفع الدولار الجمركي، لها تأثير مباشر على العجلة الاقتصادية والبطالة، إضافة الى زيادة التهريب وبالتالي التهرّب الضريبي، وتراجع نسب الاستيراد، وتآكل الزيادات والرواتب.
رئيس الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الاعمال اللبنانيين وعميد كلية ادارة الاعمال في جامعة القديس يوسف الدكتور فؤاد زمكحل ، قال ل”رأي سياسي” إنه “بعد انهيار الاقتصاد الحر وانهيار الليرة اللبنانية بشكل نهائي، وسرقة أموال المودعين وهدر الودائع، تحوّلنا من بلد كانت عملته الرسمية المتداول بها هي الليرة اللبنانية الى اقتصاد “مدولر” بامتياز، وتم اعتماد هذا بطريقة سريعة جدا، ان كان على القطاع الخاص او على كل المواد الأولية والاستهلاكية وصولا الى المحروقات كما هو الحال اليوم”.
وأشار زمكحل الى ان الدولة العاجزة عن تغطية نفقاتها عمدت الى الهروب الى الامام، دون وضع اي خطة واضحة، لافتا الى انه عندما يصبح الاقتصاد “مدولر” يعني ان كل الاستيراد والتصدير بات بالعملة الخضراء، مما يعني ان كل الأمور باتت مرتبطة بالدولار لا سيما التعرفة الجمركية والضريبة على القيمة المضافة وغيرها ، وبدأت الدولة احتساب الدولار الجمركي على 15 الف، ولكن اليوم باتت الرسوم والضرائب تحتسب على سعر منصة صيرفة، وبات الكباش والتخبط هو بين سعر منصة صيرفة والسوق السوداء، ومن سيتحكم بالسوق، ولكن تبين ان سوق الصرف الجديد هو سوق صيرفة، اما سعر السوق الرسمي في مصرف لبنان للدولار والذي هو 15 الف فقط، فالهدف من وضع هذه التسعيرة هي للتخلص مما تبقى من الودائع، من خلال “هير كات” مبطن بنسبة 85%، بعد ان كان وصل الى 90%، بينما يتم احتساب كل الضرائب والرسوم على سعر دولار صيرفة ، مما يعني بان مدخول الدولة بات بالدولار ولكنها تحتسبه بالليرة اللبنانية، وهذا يؤكد تحول الاقتصاد اللبناني رسميا الى اقتصاد “مدولر”، علما ان سوق صيرفة يتم تسعيره حسب سعر دولار السوق السوداء.
ويعتبر زمكحل ان “كل القرارات المالية من رفع سعر الدولار الجمركي الى التعاميم “الكاذبة” ان كانت 151، 158، 161 و165 وغيرها، كلها أوهام تهدف الى الهروب للأمام، للتخلص من الودائع وتطبيق “الهير كات” المبطن للودائع التي بقيّ منها ما نسبته 15%.
وأشار عميد كلية إدارة الاعمال ان ما يحصل لا يأتي فقط في اطار تامين الرواتب، التي باتت في معظمها تحتسب على الدولار، بل ان كل الضرائب أصبحت أيضا بالدولار، بما فيها ضريبة الدخل التي باتت قيمتها تقريبا بالدولار، مشيرا الى ان الدولة اللبنانية تعمل للحفاظ على ماء وجهها، من خلال اعتبارها ان الضرائب تحتسب على سعر منصة صيرفة .
واكد ان “الازمة في لبنان بدأت عندما قررت الدولة الاعتراف بالتعثر المالي، والذي يُعتبر جريمة كبرى بحق الاقتصاد اللبناني، مستغرباً عدم قيام الحكومة حتى اليوم باي إجراءات إصلاحية، رغم التدهور والانهيار الذي نشهده حالياً، ولفت الى ان موضوع ” الكابيتال كونترول” الذي كان يجب العمل به منذ بداية الازمة، لم يعد يصلح العمل به اليوم، لأنه بات لا يفي بالغرض المطلوب منه”. وحمل الدولة المسؤولية المباشرة عن الانهيار بعدم اتخاذها اي قرار صائب، وتحميلها المواطن اللبناني عواقب قراراتها، واعتبر ان رفع سعر الدولار الجمركي يدفع ثمنه المواطن الشريف والاقتصاد الأبيض، متوقعا ان يؤدي هذا القرار الى زيادة عمليات التهريب والترويج وتبيض الأموال، وان يستفيد منه الاقتصاد الأسود، فالقرارات التي اتخذتها الدولة المتعلقة بزيادة الضرائب لم ترفع مداخيلها، بل انخفضت وزاد العبء على كاهل المواطن اللبناني..