باسم المرعبي – ناشر موقع “رأي سياسي”:
ليست هي المرة الأولى التي يطلب فيها وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي من المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، إطلاق حملة لقمع وتوقيف الدراجات النارية التي يقودها أشخاص سوريين لا يحملون الإقامة اللبنانية، او تلك التي يقودها اصحابها من اللبنانيين من دون دفع ما يتوجب عليهم لدائرة الميكانيك وذلك بعدما تبيّن ازدياد حركة الدراجات النارية وقيادتها من قبل أشخاص سوريين وغير سوريين واستغلال البعض منهم هذا الأمر للقيام بأعمال سرقة أو إطلاق نار أو ترويج مخدرات. فقد سبق للوزير مولوي المعروف بحرصه على أمن الوطن والمواطنين ومواكبته كل شاردة وواردة حفاظاً على الاستقرار العام، أن أطلق مثل هذه الحملة في الخامس من تشرين الأول من العام 2023. وعلى الرغم من وضع قوى الامن الداخلي حواجز لها في العديد من المناطق لا سيما في العاصمة بيروت، وصادرت الكثير من الدراجات النارية لأسباب مختلفة، وسطرت محاضر ضبط بحق كثيرين، الا أن سرعان ما انتهي مفعول الاجراءات اما بسبب تدخلات سياسية، وفي جوانب اخرى بفعل تقصير من القوى الامنية ذاتها، لتعود بعدها الأوضاع الى ما كانت عليه، لا بل في الاشهر الماضية تعاظمت الفوضى التي بدأ ينزعج منها غالبية اللبنانيين.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، بدأت وزارة الداخلية بقرار حاسم من الوزير (القاضي النزيه) بتطبيق خطة أمنية تلحظ توقيف كل المخالفات المتعلقة بالسير، وترافق تنفيذ هذه الخطة مع هرج ومرج في بعض المناطق على خلفية حجز دراجات وسيارات، حيث أثارت طريقة تنفيذ هذه الخطة انزعاج المواطنين الذين كانوا يأملون ان تقوم وزارة الداخلية بسلسلة اجراءات قبل المباشرة بخطتتها، ليس اقلها فتح الدوائر المختصة في إدارة السير (النافعة) المقفلة ابوابها منذ عدة أشهر لكي يتمكن المواطن من تسجيل سيارته او دراجته النارية ودفع الميكانيك.
وما زاد الطين بلة ما تم تداوله على وسائل التواصل من فيديوهات تظهر إشكالاً وقع بين ضابط في قوى الأمن الداخلي ورتيب في الجيش اللبناني، في منطقة غاليري سمعان، على خلفية حجز دراجة نارية للأخير، وقد أخذ هذا الموضوع حيّزاً كبيراً من الاهتمام على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإعلامية، وقد نتج عن الفيديو المتداوَل تضامن من النشطاء مع الرتيب في الجيش، وهجوم على الضابط في قوى الأمن والمطالبة بمعاقبته.
واذا كان البعض حاول حرف الخطة عن هدفها الحقيقي فإن المديريّة العامة لقوى الامن أكدت انها تعمل وفق القوانين ودورياتها لا تفرق بين منطقة وأخرى ولا بين سوري وآخر، سوى بالقانون. فكل مخالف للقوانين عليه أن يتحمل المسؤولية خاصة أن المصالح غير الشرعية باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على كل صاحب مصلحة لبناني يعمل وفق القانون، مشدّدة على أن هذه المصالح تتسبب بأضرار فادحة للبنانيين فهي غير مسجلة وبالتالي لا تخضع للقوانين الماليّة، ولا تؤدّي الواجبات الضريبيّة، ولا تحترم مبدأ المنافسة، ناهيك عن عدم التزام أصحابها بقانون العمل اللبناني الذي يسمح للنازح السوري العمل في مصالح محددة.
وعلى الرغم من تأكيد قوى الامن الداخلي أن الحملة ليست موجهة ضد السوريين غير الشرعيين حصراً، بل تطال اللبنانيين أيضاً المخالفين للقوانين، سواء بسياراتهم غير المسجلة أو التي تحمل لوحات مزوّرة، أو لا يملكون رخصة قيادة، أو يستعملون العازل على الزجاج دون ترخيص، ودراجاتهم النارية أيضاً. كان لافتاً دخول المفوضية السامية لشوؤن اللاجئين على خط تنفيذ هذه الخطة من باب النازحين. فالمفوضية أرسلت كتابا رسميا الى وزير الداخلية استغربت فيه، اتخاذ البلديات والادارات تدابير تؤثر على اقامة النازحين في لبنان، وتدرج ضمن هذه التدابير فرض قيود على التجمعات واستخدام المركبات والدراجات النارية من دون رخص، وهذا التدخل الفاضح يثبت ان هناك مؤامرة خبيثة وخطرة على لبنان واللبنانيين، وان المفوضية السامية، ضالعة في مؤامرة ابقاء النازحين في لبنان ومنع عودتهم الى بلدهم.
وأمام الضجة التي اثيرت حاول وزير الداخلية احتواء الغضب الشعبي كونه شديد الحرص على تأمين اعلى مستويات الراحة والأمن والاستقرار للمواطنين بأن أوعز إلى الدوائر المختصة في إدارة السير (النافعة) بفتح ابوابها اليوم وغدا بشكل استثنائي وطيلة ايام العمل في الاسبوع المقبل امام المواطنين الذين أُحتجزت سياراتهم ودراجاتهم النارية ويريدون تصحيح أوضاعهم. وهي خطوة يشكر عليها الوزير مولوي وان كان يفترض ان تحصل قبل البدء باية خطوات اجرائية في الشارع.