رأي

الخبرة الإسرائيلية في خدمة جنرالات السودان!

كتبت “القدس العربي” في افتتاحيتها: “بعد المجزرة الأخيرة التي نفّذتها أجهزة الأمن السودانية ضد المتظاهرين وصعود اتجاه العصيان المدني ومقاومة الحكم العسكري وصل وفد إسرائيلي إلى العاصمة السودانية الخرطوم أمس، واستقبل، كما تقول مصادر عديدة، من قبل قادة الصفّ الأول في المنظومة الحاكمة.
رغم السرّية التي تحيط بالزيارة، كما هو حال زيارات الوفود الإسرائيلية السابقة، فإن ما هو مؤكد أن ضباط الجيش الإسرائيلي والمخابرات لا يزورون الخرطوم لمناقشة المبادرة الأممية للحلّ، أو دعم الضغوط الدولية على المنظومة الحاكمة، أو لنصح عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو بوقف آلة القتل وقمع المحتجين، فهذه الشؤون ليست من «اختصاص» الحكومات الإسرائيلية، وذلك لأن مكان منظومة الاحتلال والاستيطان والعنصرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين هو مع منظومة الاستبداد والطغيان والعداء لشعوب المنطقة العربية وانتفاضاتها الساعية لأنظمة ديمقراطية.
حوّلت السلطات الإسرائيلية خبرتها في القمع المبرمج إلى مدرسة عالمية ينهل منها طلاب الاستبداد في كل مكان، وتحوّلت آخر إضافاتها في المجال الرقميّ، وهو برنامج «بيغاسوس» للتجسس على الهواتف والإنترنت، إلى فضيحة عالمية كبرى، لا تزال تداعياتها مستمرة حتى الآن، والظاهر أن بعض هذه التطبيقات المتقدمة قد وصل إلى السودان للمساهمة في التعرف على المحتجين والبطش بهم.
تستعمل السلطات الإسرائيلية الكاميرات كأداة مراقبة أمنية، وقد ساهمت في تطوّر تقنية التعرف على معالم الوجوه، التي تستخدم في الأراضي الفلسطينية المحتلة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، كما أنها أضافت إليها تقنية سمتها «الذئب الأزرق» ويستخدمها عناصر الأمن والجنود الإسرائيليون لالتقاط صور الفلسطينيين لإضافتها على قواعد بيانات الصور، وحسب الصحيفة العبرية اليسارية «هآرتس» فإن السلطات الإسرائيلية قدّمت حوافز مالية للجنود ورجال الأمن لمن يصوّر أكبر عدد من الفلسطينيين بهاتفه الجوال، وبذلك تضخمت تلك القواعد بشكل هائل وصارت يتم الرجوع إليها لتنفيذ اعتقالات، بل إن هذا البرنامج يعطي تنبيهات لونية حول الأشخاص المطلوب أسرهم.
على هذه الخلفيّة يتوقع متابعون للشأن السوداني أن «قوات الدعم السريع» تعمل حاليا على استنساخ تجارب إسرائيلية في التعامل مع الفلسطينيين لتطبيقها على المحتجين السودانيين، ومن ذلك استخدام التقنيات الرقمية للتجسس والمراقبة والتعرف على الوجوه وتجميع بيانات واسعة للسودانيين بهدف استخدامها في قمع الانتفاضة الجارية، وهناك حديث عن الاستفادة من الخبرات الإسرائيلية في تدريب قوة استخبارية خاصة بالدعم السريع تستنسخ عمل «الوحدة 8200» التابعة للمخابرات العسكرية الإسرائيلية.
يتجاوز السعي المحموم لقيادات عربية (كما هو حال مجموعة السودان العسكرية الحاكمة، والجنرال خليفة حفتر الليبي الذي أرسل طائرته الخاصة مجددا إلى تل أبيب الأسبوع الماضي) لتأمين الدعم الإسرائيلي لها «الإعجاب» بأدائها الأمني ضد الفلسطينيين.
يتعلّق الأمر بالأحرى برؤية تلك القيادات إلى أنفسها باعتبارها قوى احتلال واستيطان، والنظرة إلى آمال السودانيين، أو الليبيين، أو السوريين، بطريقة نظرة ضابط الجيش أو الموساد الإسرائيلي إلى الفلسطينيين!
الأمر لم يعد استقواء بحكام إسرائيل على الشعوب العربية بل تماهيا مع رؤية أولئك الحكام لأنفسهم، ولا يبدو أن حقيقة أن أولئك القادة هم من جنسيات شعوبهم، وليسوا كحال المستوطنين اليهود مع الفلسطينيين من أصحاب الأرض، تمثل فارقا فعليا، فالواضح أن «المسألة الوطنية» صارت خارج معادلات الحكام العرب مع الشعوب الثائرة عليهم.”

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى