الحوار، لا مكان له
رُحِّل الحوار الى غير رجعة في عام ٢٠٢٢ مع غموضٍ حول ماهيته في العام القادم، وسيقفل لبنان بعد جلسة الخميس ونهاية العام الحالي شهرين من الشغور الرئاسي، والحكومة منتقصة الصلاحية وسط إصرارٍ وتعنُّت من الثنائي المسيحي المُكون من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية
رفض الدعوة
رفضت كتلة الجمهورية القوية دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري للحوار رغم أنه دعا إليه داخل أسوار المجلس النيابي كما طالب البعض، معتبرةً أنّهُ يُغالط عملية اللعبة الديمقراطية التي توصل لإنتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية مع علمها بإنعدام حظوظ مرشحها “ميشال معوض” الذي لم ينجح بتجاوز حاجز ال ٤٤ صوتًا، وبتماهي كبير جاء موقف تكتل لبنان القوي غير المُعلن والذي فُهِم من أوساط بري أنّه رفض غير مباشر للدعوة مع انَّ رئيس التكتل جبران باسيل أشار إلى أنّهُ لا يمانع الحوار، فلماذا التعنت في رفض الحوار مع العلم بعدم وجود إمكانية لغلبة فريقٍ على الاخر؟
القوات اللبنانية لم تكتفِ برفض الدعوة بل أشارت الى أنَّ الدعوة الى الحوار، بمثابة تعطيلٍ واضح لموجب دستوري كانتخاب رئيس للجمهورية، او تمديدٍ غير معروف الأفق السياسي ولا السقف الزمني لواقع الشغور الرئاسي، كما هي حال الدعوة الى جلسةٍ للحوار يوم الخميس، فان “القوات اللبنانية” ترفضها رفضاً قاطعاً بما لا يحتمل أي لبس أو تأويل
موقف معاكس للإشتراكي
التماهي في الإنتخابات النيابية بين القوات والإشتراكي لم ينسحب على قضايا ما بعد الإنتخابات، فأعلن عضو اللقاء الديموقراطي وائل أبو فاعور ان الدعوة للحوار لا تُعطل العملية الانتخابية الديمقراطية بل تعتبر بادرة حلٍّ في ظل الجمود الحاصل، وأكد أبو فاعور ان الاشتراكي يؤيد الدعوة ويدعو بقية الفرقاء لمراجعة خياراتهم مُشيرًا إلى أنَّ كل الأحاديث حول تسوية خارجية غير صحيحة على الإطلاق ولا يصح أن نعطل الحل الداخلي الذي يوصل لإنتخاب رئيس بإنتظار معطيات خارجية قد لا تأتي.
إنقسامٌ واضح ٌ
إذا يبدو أننا أمام فريقين مُعاكسين لبعضهما البعض، الجهة الأولى مؤيدة للحوار وقوامها (حزب الله، حركة أمل، الإشتراكي، المردة، وبعض المستقلين) أمّا الجهة الثانية فتتألف من (القوات والتيار الوطني الحر )، وموقفٌ رمادي للتغييرين والكتائب، وأمام هذا الواقع سقط حوار العام ٢٠٢٢ دون قيامةٍ له.
باسيل في قطر
مجددًا غادر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى قطر لمشاهدة مباراة المنتخب الفرنسي أمام نظيره المغربي وتتزامن زيارته مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للدوحة لمشاهدة المباراة النصف النهائية من كأس العالم فهل تُفتح بين شوطي المباراة أحاديثٌ ونقاشات تطال الواقع اللبناني وتعطي له تمريرة حاسمة قبل نهاية الوقت الأصلي؟ أم انَّ لبنان دخل الوقت الاضافي ويتجه نحو ركلات الترجيح التي ستؤهل الإنهيار الكامل بعد القضاء على الشعب.
على صعيد آخر يتابع المجلس النيابي نشاطه التشريعي بدرس قانون الكابيتال كونترول داخل اللجان النيابية المشتركة والذي لم يبصر النور الكامل بعد، فقد أعلن نائب رئيس مجلس النواب “إلياس أبو صعب ” “انه تم حصر التحويلات إلى الخارج بالامور المتعلقة بالطبابة الخارجية والطلاب الذين يدرسون في الخارج”. لافتاً الى ان “التوجه هو نحو إعطاء المواطنين حقوقهم بالسحوبات في الامور المتعلقة بالاستشفاء والطبابة والطلاب الذين يدرسون في الخارج”. ومعلنًا أن الجلسة المقبلة للجان لدراسة القانون ستكون بعد الأعياد”
إذًا جلسة الخميس الروتينية هي آخر النشاطات السياسية قبل الأعياد على ما يبدو ليؤجل الإصلاح المشروط الى العام ٢٠٢٣ وكأن اللبنانيين يعيشون في بحبوحة ويبحثون عن أماكن فاخرة للسهر، فمتى يستيقظ سياسيو لبنان من ثباتهم، وينظرون ولو لمرةٍ واحدةٍ بعين الرحمة لشعبٍ ينام ويصحو على انهيار قدرته الشرائية!!
المصدر: خاص رأي سياسي