الحرب على الفساد.. معركة وطنية بقيادة رشيدة

كتب د. طلال الحربي في صحيفة الرياض.
تعلمنا سابقاً أنه كلما طورت منظومتك الرقابية مالياً وإدارياً فإن فيروسات الفساد تطور أيضاً من أساليبها، وبالتالي فإن أمن الدولة وهيئة مكافحة الفساد ووحدات الرقابة المالية يلزمها أن تتطور بشكل مستمر، وأن تنتقل من مرحلة رد الفعل إلى مرحلة صناعة الفعل نفسه، وتتوقع كل منفذ يمكن للفساد الولوج منه..
منذ انطلقت الرؤية المباركة 2030، أكد سمو ولي العهد أن أساس نجاح هذه الرؤية وأي برامج وطنية واستراتيجيات مستقبلية – بعد توفيق الله سبحانه وتعالى -، تبنى على أساس وقاعدة رئيسة مهمة، ألا وهي القضاء على الفساد ومكافحته، وهذه حرب أعلنها سمو ولي العهد وجعلها الهدف الأول في مسيرته، لأنه يعي جيدا أن الفساد هو العدو الأخطر في مسيرة بناء وازدهار الوطن ومستقبله، وأن مكافحة الفساد ليست بالعملية السهلة أبدا، بل تحتاج إلى إعداد وتخطيط ومتابعة وتطوير، وتحتاج إلى رجال مخلصين يقودون العملية، ولا تأخذهم في حب وطنهم لومة لائم، كذلك تشريعات واضحة لا شبهة فيها، تضييق المخارج على مرتكبي الفساد بعمد، أو منع الذين يشاركون في الفساد بجهل وعدم دراية، وبالتالي كانت مسيرة الوعي ضرورية، وتجهيز وتأهيل وتمكين منظومة أمن الدولة وهيئة مكافحة الفساد بكل ما يلزم من وسائل لتقوم بأعمالها وتحقق أهدافها.
الملتقى العربي لهيئات مكافحة الفساد ووحدات التحريات المالية، والذي أقيم في الرياض منتصف شهر مايو الحالي، وبرعاية سمو ولي العهد، هو ملتقى للتعاون وتبادل الخبرات واستمرار التنسيق بين هذه الهيئات والوحدات، لأن الفساد ليس فقط من الداخل، بل هي شبكة ممتدة ومنتشرة، ولا بد من ضمان عدم وجود فجوات يتمكن منها الفساد من الدخول بفعل أو فكر إلى داخل المملكة.
معالي رئيس أمن الدولة عبدالعزيز بن محمد الهويريني، أكد على أن رعاية سمو ولي العهد لهذا الملتقى إنما تؤكد حرص القيادة الرشيدة ودعمها اللامحدود لمحاربة الفساد والقضاء عليه، ومتابعة خاصة من سمو ولي العهد لكل ما من دوره تحسين وتطوير العمل المالي والرقابة، ورفع مستويات الوعي في الشؤون المالية سواء في المنظمات الحكومية أو الخاصة أو المجتمعية، مؤكدا معاليه على أن منظومة الفساد ليست سهلة، وأن العمل لا بد أن يستمر، خاصة أن المملكة تشهد وستشهد نموا في كل المجالات، ومشاريع ضخمة، وبنى تحتية محدثة واستدامة مستمرة، وهذه الأمور كلها تشكل بيئة خصبة جدا للكسب السريع غير المشروع والفساد.
تعلمنا سابقا أنه كلما طورت منظومتك الرقابية ماليا وإداريا فإن فيروسات الفساد تطور أيضا من أساليبها، وبالتالي فإن أمن الدولة وهيئة مكافحة الفساد ووحدات الرقابة المالية يلزمها أن تتطور بشكل مستمر، وأن تنتقل من مرحلة رد الفعل إلى مرحلة صناعة الفعل نفسه، وتتوقع كل منفذ يمكن للفساد الولوج منه، التشريعات مهما كانت قوية فهي بالنهاية لا يمكن أن تصل إلى مرحلة الكمال المطلق، ولكن يمكن الوصول إلى مرحلة السيطرة بتوقع مخططات الفساد والتنبؤ بها، ووضع سيناريوهات لكيفية معالجة الفساد بنظرية إيقافه أولا، ثم منعه من الانتشار، وصولا إلى مرحلة منع ظهوره كليا، ونعلم جيدا أن كلمة كليا هي كلمة نسبية، وبالتالي فإن الهدف الرئيس هو الوصول إلى مرحلة من السيطرة على الفساد، ومنعه من التأثير على توجهات الدولة في نموها وازدهارها وتقدمها.
الملتقى أقيم بحرفية عالية وبتعاون رئاسة أمن الدولة وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد نزاهة التي نوه معالي رئيسها مازن الكهموس بالدعم الذي تلقاه الهيئة من سمو ولي العهد – حفظه الله – ومساندته لجهودها، وتوجيهاته الدائمة بما يسهم في حماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد.
منسوبو هيئة مكافحة الفساد والرقابة المالية وأمن الدولة كلهم على قلب رجل واحد بروح وطنية واحدة وصوت واحد ينادي أن “لا للفساد”، وهم جنود مجهولون يحمون الوطن ويدافعون عن إنجازاته، ورايتهم التي يسيرون تحتها هي راية فارس الوطن ومجدد مسيرته الازدهارية سمو ولي العهد، إنجازاتهم مشهودة، ولكن مهمتهم وحربهم صعبة وخطيرة جدا، وبإذن الله تعالى وتوفيقه أولا، ومن ثم توجيهات وقيادة سمو ولي العهد فإن النصر حليف الوطن.