رأي

الحرب المجنونة

أما آن لهذه الحرب المجنونة أن تتوقف؟ ألم يشبع المتقاتلون على السلطة بعد ثلاث سنوات ونصف من الصراع من دم الأبرياء الذي سُفك، والدمار الهائل، ومن تهجير الملايين، ومن الفظائع التي تُرتكب، التي تجاوزت كل ما اتفقت عليه البشرية من قيم إنسانية وأخلاقية؟
لقد بلغ سيل الدم الزبى، وبات السودانيون يقفون لوحدهم عراةً في جحيم النار والحقد والكراهية يبحثون عن من ينقذهم من بطش من يُفترض أنه يحميهم وينقذهم من موت يلاحقهم ليل نهار حتى في مخيمات اللجوء التي يفترض أن تكون آمنة وتوفر لهم الحد الأدنى من الأمن وسبل البقاء على قيد الحياة.
هذه الحرب العبثية لم تعد مقبولة، وعلى المتصارعين على السلطة والنفوذ، أن يدركوا أنَّ الشعب السوداني لن يرحم أو يتسامح مع من كان سبباً في هذه النكبة الكبرى التي حلت به، التي أصبحت واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، والتي خلّفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى وملايين النازحين، إضافة إلى ملايين الجياع، عدا الأمراض التي استشرت مع فقدان القدرة على إنقاذ ما يمكن إنقاذه جراء تدمير المستشفيات والمراكز الصحية التي تحولت إلى ثكنات عسكرية، أو مراكز للعصابات المسلحة التي تمارس القتل على أساس قبلي أو عرقي.
بعد الانقلاب الذي أطاح الحكومة المدنية في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2021، انتقل الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى مرحلة خطرة، بسبب خطة مدعومة دولياً لإطلاق فترة انتقالية جديدة تعيد الحكم إلى المدنيين، على أن يعود العسكر إلى ثكناتهم، لكنها اصطدمت بالرفض، لأن النهم على السلطة والثروة كان أقوى من أي جهد دولي أو إقليمي لإنقاذ السودان من براثن الصراع ومن الكارثة.
استمر الصراع من دون أي رادع أخلاقي أو ديني أو إنساني، لأن المستهدف كان الشعب السوداني بكل أطيافه وقبائله وأعراقه، الذي وقع فريسة للأطماع الشخصية، حتى لو كانت على حساب وحدة السودان الذي بات مهدداً بالتذرر والتقسيم والتحول إلى دولة فاشلة بكل معنى الكلمة.
إنها حرب وحشية يرفضها العالم بعدما تجاوزت كل حد، وبات مصير السودانيين معلقاً على أفواه المدافع والصواريخ والطائرات والسيوف التي تستخدم في قطع الرؤوس كما حدث في مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور.
خلال اجتماع مجلس الأمن الأسبوع الماضي عبّر عن قلقه من الفظائع التي ترتكب ضد المدنيين لدوافع عرقية، ودعا إلى الالتزام الفوري بوقف إطلاق النار، وتنفيذ أحكام القرار 2736 الذي يطالب برفع الحصار عن الفاشر.
وخلال الاجتماع أكدت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة أنه «لا توجد منطقة في السودان بعيدة عن الخطر، وأن مخاطر ارتكاب الفظائع الجماعية مرتفعة للغاية، خصوصاً في الفاشر»، وأشارت إلى أن تحديد عدد القتلى بات صعباً في ظل تصاعد العنف.
مع الأسف لم يلق بيان مجلس الأمن آذاناً صاغية من جانب أمراء الحرب في السودان، ما يعني أن المقتلة سوف تستمر، الأمر الذي يستدعي من مجلس الأمن موقفاً يتجاوز الإدانة، أو الدعوة لوقف إطلاق النار، لأن المضي في هذه الحرب المجنونة بات يهدد كل السودانيين، كما يهدد الأمن في كل شرق إفريقيا.

المصدر: الخليج

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى