الحرب الأوكرانية تُطفئ بريق الألماس الروسي
بعد مرور نحو عامين على غزو روسيا لأوكرانيا، وعامين من التهديدات بالمقاطعة والمراوغات، تم أخيراً اتخاذ قرار حاسم بحظر شراء الألماس الروسي، بعد أن أضاف الاتحاد الأوروبي، شركة «ألروسا» الروسية، أكبر منتج للألماس في العالم، إلى قائمة عقوباته. وشهد العام الجديد بداية سلسلة متصاعدة من قيود التصدير على الأحجار الكريمة الروسية بالتنسيق مع دول مجموعة السبع، التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا واليابان، بالإضافة إلى أعضاء الاتحاد الأوروبي فرنسا وألمانيا وإيطاليا. أما ما إذا كان الحظر سيؤثر على الاقتصاد الروسي، فهذا أمر مشكوك فيه بالنظر إلى أن الألماس يعد مصدر دخل نسبياً مقارنة بمنتجات أخرى مثل النفط، كما أن الحظر سيكون تحديداً في مجموعة السبع.
وتجدر الإشارة إلى أن قرار الحظر ليس وليد الساعة. تم التلويح به منذ اندلاع الحرب لكن تبين أن إقرار نظام لمراقبة تحركه في السوق بشكل فاعل ينطوي على تحديات لم تكن على البال، فضلاً عن الضغط الذي مارسه تجار الألماس في أنتويرب البلجيكية، وهي مركز تجاري رئيسي للأحجار الكريمة لإبطاء القيود على هذه التجارة. والأهم من هذا كله أنه رغم أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حظرتا الواردات المباشرة من الألماس الخام من روسيا، فإن مساحة التلاعب على الأمر كانت مفتوحة، لأنه كان يتم قطعه وصقله خارج روسيا.
الأمر يختلف الآن بعد أن تم الاتفاق على خطة عقوبات شاملة من شأنها إحداث تغييرات جذرية في الطريقة التي تعمل بها صناعة الألماس؛ منها فرض متطلبات جديدة للشفافية وتتبع مصدره وتحركاته من المنجم إلى السوق. تبيَّن أن ما كان يُعرقل هذه العملية أن الحظر كان يستهدف الشراء المباشر للألماس غير الصناعي من روسيا. أما الآن، فمن المقرر أن يتبع ذلك فرض قيود أيضاً على المعالج منه في بلدان أخرى ابتداءً من مارس (آذار). ومن المتوقع ابتداءً من سبتمبر (أيلول)، أن الألماس المبيع سيحتاج إلى إصدار شهادات للتحقق من مصدره. بمعنى آخر، حتى في حال تم تقطيعه وصقله في أماكن أخرى من العالم، فإنه لا بد من إثبات مصدره.
أما كيف ستعمل العقوبات، فحتى هذه اللحظة، يبدو أن أحداً لا يعرف الإجابة على وجه الدقة، لأن سلاسل توريد الألماس طويلة ومعقدة، تمر عادة عبر عشرات الأيادي والوسطاء في بلدان متعددة قبل أن يصل إلى الأسواق. وينطبق هذا بشكل خاص على الألماس الأصغر حجماً الذي تشتهر روسيا بإنتاجه، ويُباع عادة بكميات ضخمة، ويجري مزجه بأحجار من مصادر أخرى.
حتى الآن، لم تنجح معظم الحلول بما فيها الاستعانة بالتكنولوجيا بشكل فعال في غياب طُرق علمية لتتبع مصدر الألماس. لكنّ هناك أملاً وعملاً على أن تُسرِّع العقوبات الجديدة الجهود في إعادة هيكلة سلاسل التوريد التي تمتد عبر مختلف أنحاء العالم.
وكانت الشركات الكبرى قد استعدت للتغيير منذ فترة، مثل مجموعة «ريشمون» ودار «تيفاني أند كو» المملوكة لمجموعة «إل في إم إتش»، اللتين أعلنتا توقفهما عن شراء الألماس الروسي بعد وقت قصير من اشتعال الحرب. لكن ما لا يمكن تجاهله هو أن هذه التغييرات ستُخلف تداعيات كبيرة على السوق. فروسيا تنتج ما يقرب من ثلث إمدادات الألماس في العالم. وفي الوقت الذي من المرجح أن ينتهي المطاف بالكثير من قطع الألماس في خواتم خطبة وقلائد وأساور يشتريها المستهلكون في بلدان خارج نظام العقوبات الجديد، فإن تلك الدول الواقعة داخل نطاق النظام تمثل نحو ثلاثة أرباع الطلب العالمي على المجوهرات.