أبرزرأي

الحاجة إلى نظام عالمي

كتب وليد عثمان في صحيفة الخليج.

لا يختلف أحد على الحاجة الملحة لإقرار نظام عالمي جديد ينسف الحالي الذي أصبح موغلاً في الأحادية وازدواج المعايير بشكل نسف إيمان كل الشعوب، خاصة صاحبة القضايا العادلة، بإمكانية نيل كل حقوقها، أو حتى بعضها.

ومما يدعو للاستغراب أن كل العالم يعبر عن هذه الحاجة، حتى الدولة التي تمعن في تقويض أسس العدالة الدولية وترسخ لسياسة الكيل بمكيالين، وهي الولايات المتحدة الأمريكية.

وما تنشده الولايات المتحدة بالطبع ليس إلا نظاماً جديداً بمعاييرها هي وبما يخدم مصالحها التي أصبحت تصطدم بمصالح معظم دول العالم، خاصة القوى الكبرى فيه التي تتحرك منذ سنوات في مسارات تحاول بناء تحالفات جديدة للتعاون الدولي تتحقق فيه مصالح كل الأطراف وتتعدد الأقطاب، أو الدول المركزية في صناعة القرار العالمي.

ربما كان الصراع في أوكرانيا أوضح دلائل الحاجة إلى النظام العالمي الجديد، وتبعته تغيرات في هياكل بعض التحالفات الدولية، منها «بريكس». والداعي إلى ذلك هو تصرفات الولايات المتحدة نفسها، غير أن الحرب في غزة تقدم صورة أكثر نصاعة عن تصدع الأسس الحاكمة للعالم وعجز منظماته الرئيسية عن التحرك الجاد في الأزمة والاكتفاء بالصراخ غير المسموع والتحذير والتنديد، وكلها أمور لا تنتهي إلى شيء.

قبل شهور أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن البشر يحتاجون فعلياً إلى نظام عالمي جديد وأن بلاده قادرة على بنائه، وبغض النظر عن مدى الاتفاق على هذه القدرة، فإن الحوادث تثبت أن ما تبتغيه الولايات المتحدة هو مزيد من التفرد بالقرار والوصاية على سياسات العالم بأقاليمه المتنوعة.

كان تصريح بايدن أحد الردود الأمريكية على المطالبات المستمرة بتغيير شكل النظام العالمي، وأكثر من جهر بها هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إطار مواجهته ما يعتبره سعياً غربياً بقيادة أمريكية لفرض واقع عالمي قائم على قواعد لا تناسب الجميع، وفي رأيه أن المواجهة في أوكرانيا انطلقت من هذا التوجه.

القناعة الروسية نفسها تتبناها الصين ودول أخرى كثيرة، وهو ما يتجلى مع مراحل السخونة في قضية تايوان، إحدى ساحات المواجهة الأمريكية الصينية، وفيها تدافع الولايات المتحدة عن ما تراه حقوقاً تنكرها في مناطق أخرى، خاصة في منطقتنا.

إن تجليات الحرب في غزة دليل جديد كاشف على سوءات النظام العالمي، وأبرزها ازدواجيته، وعجزه، ما يجدّد الحاجة إلى بديل، وهو أمر سيطرح بشدة، لكن بعد نهاية الأزمة التي ستفضي بلا شك إلى أشكال أخرى للتوازنات الدولية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى