الجيش والقوى الامنية والحرب الانتخابية والحرب الحدودية
كتب احمد العز في “اللواء”:
الانتخابات في لبنان واقعة رغم التساؤلات حول حصولها من عدمه، والحرب على الحدود واقعة ايضا لا محالة نتيجة تصاعد التهديدات بين اسرائيل والفلسطينيين والجوار القريب والبعيد، بالاضافة إلى تعاظم المواجهات خلال شهر رمضان في المسجد الاقصى، وصولا إلى العمليات الامنية وكان اخرها ليل امس في قرية إلعاد حيث سقط قتلى وجرحى، مما يؤكد ان الحرب واقعة لا محالة، ويبقى السؤال هل تقع الحرب قبل الانتخابات الحربية العميقة العداء نتيجة خطاب الكراهية المتبادل بعيدا عن التنافسية الديموقراطية، كالانتخابات الفرنسية الاسبوع الماضي والتي جاءت نتائجها باعادة انتخاب الرئيس ماكرون وتجديد اليسار الفرنسي، وكذلك الأمر في الانتخابات البريطانية حيث تراجع تمثيل حزب رئيس الوزراء الجمهوري وتقدم حزب العمال المنافس ونجحت العملية الديموقراطية .
الحرب في المنطقة واقعة نتيجة المعطيات الواقعية والتي عبر عنها بوضوح امين عام حزب الله في خطاب يوم القدس، حيث اكد ان احتمالات الحرب كبيرة مع بداية ايار، واعلن الاستنفار العام بالتزامن مع المناورات المكثفة لاسرائيل على حدودها الشمالية وقطاع غزة، بالاضافة الى التهديدات المباشرة من ايران بضرب العمق الاسرائيلي في حال تعرضها الى اي استهداف اغتيالي او تدميري، ورئيس الحكومة الاسرائيلي الذي تحدث بوضوح عن استهدافات واقعة ولو كانت على بعد الف كلم، وكذلك وزير الدفاع الاسرائيلي، وما اكده قائد حماس في غزة الذي كرر ما قاله امين عام حزب الله بان الحرب بعد رمضان وليست خلال رمضان.
لبنان منشغل في الحرب الانتخابية الدائرة بشعارات حربية، والاغلبية المطلقة من القوى التي تخوض الانتخابات هي مجموعات منخرطة بالعمليات الحربية القديمة والجديدة في لبنان، هذا بالاضافة الى انه لم يعد هناك نقطة في المنطقة لا تعيش حالة حرب عسكرية بشكل او باخر، وقد تموضع معظمها على الجبهات الانتخابية في لبنان باشكال مختلفة، مما يعقد عملية المتابعة وتحديد القوى المتقاتلة انتخابيا وتحالفاتها، ان الحرب الانتخابية الدائرة على اساس الخصومة والعداء والكراهية والاكراه أعادت انتاج خطوط تماس مجتمعية جديدة بين ابناء الوطن الواحد والتجربة الوطنية الواحدة.
مخاطر الحرب الحدودية واهوالها على لبنان لا تحظى باهتمام قوى الحرب الانتخابية الا من خلال عملية التوظيف الانتخابي لدى كل الافرقاء بين من يجد فيها اعادة تجديد للقوة القاهرة وتعزيز هيمنة محوره الاقليمي، أما الاطراف الاخرى فانها تعيش على وقع معايير التوازنات السلطوية الغامضة او المستحيلة، واعتقد بان كلا الفريقين يعيشان حالة من الانفصال عن الواقع لان اللبنانيين لا يستطيعون تحمل ويلات الحرب الانتخابية او الحرب الحدودية بعد كل ما تعرضوا له خلال السنوات الماضية من انهيارات مالية واقتصادية واجتماعية ومعيشية وتداعي مؤسسات الدولة الصحية والتربوية والقضائية، مما يجعلنا نقول بكل صراحة بإننا لا نملك الجهوزية الوطنية لمواجهة تداعيات الحروب القادمة، لان الانتخابات لن تغيير التوازنات السلطوية واسرائيل لا تقاتل الا من اجل اسرائيل، وهذا ما تعلمناه من احتلالها منذ ٨٢ وهذا ما يجعلنا نهيب بالجيش والقوى الامنية اللبنانية بتحمل مسؤولياتها الوطنية البديهية والتأسيسية من اجل حماية الاجيال اللبنانية الصاعدة من المخاطر الوجودية الحتمية في الحروب الانتخابية والحرب الحدودية.