رأي

الجنوب الثالثة: “الثنائي” مرتاح… والمعارضة مشتّتة

كتبت ملاك عقيل في “اساس ميديا”:

تُعتبر دائرة الجنوب الثالثة (النبطية، مرجعيون، حاصبيا، بنت جبيل) من الدوائر المقفلة انتخابياً بحكم سيطرة الصوت الشيعي، وتشتّت قوى المعارضة وعجزها كما في العديد من الدوائر الانتخابية عن فرض لائحة واحدة متماسكة وقويّة تُمكّن من توجيه صفعة سياسية – انتخابية للقوى “الحاكمة بأمرها” في دائرة الـ11 مقعداً.

المعركة اليوم أصعب من معركة 2018 لكثير من الأسباب، وما كان ممكناً من خلال تحالف تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ والحزب الديموقراطي قبل أربع سنوات بات مستحيلاً مع تشتّت الصوت السنّيّ بفعل “مقاطعة” الرئيس سعد الحريري وتحصين المقعد الدرزي في الدائرة من خلال توافق الرئيس نبيه برّي ووليد جنبلاط وطلال أرسلان على تبنّي ترشيح الوزير السابق المصرفي مروان خير الدين (بتوافق بين وليد جنبلاط وطلال أرسلان)، إضافة إلى عامل أساس، وهو عدم توحّد لوائح المعارضة حتى الآن، والأهمّ احتمال تدنّي نسبة الاقتراع.

الخطيب لـ”أساس”: “الحريري صديقي وأحترمه. لكنّ هناك اعتبارات انتخابية أيضاً دفعتني إلى عدم الترشّح

لائحة الثنائيّ مكتملة

الحاصل الانتخابي في إحدى أكبر الدوائر الانتخابية بحسب انتخابات 2018 بلغ 20,526 صوتاً، فيما بلغ عدد المقترعين 228,563 ناخباً. تنافست يومذاك ستّ لوائح، وكانت لائحة المستقبل-التيار-أرسلان الأقرب إلى الخرق بسبب حصولها على 17,058 صوتاً، تلتها لائحة الحزب الشيوعي (5,895 صوتاً)، ثمّ لائحة “القوات اللبنانية” (4,463 صوتاً).

عدد المرشّحين اليوم من خارج فلك تحالف أمل-حزب الله-التيار الوطني الحر بلغ 25 من أصل 38 مرشّحاً موزّعين كالآتي: 10 مرشّحين لمقاعد النبطية الشيعية الثلاثة، 9 مرشّحين لمقاعد بنت جبيل الشيعية الثلاثة، و19 مرشحاً في مرجعيون يتنافسون على مقعدين شيعيّين، 1 أرثوذكسي، 1 سنّيّ، 1 دزريّ.

لائحة الثنائيّ الشيعي وأرسلان والتيار مكتملة، و”القوات” تؤلّف لائحتها “الناقصة” كالعادة، لكن حتى الآن لا معطيات عن توحّد المعارضة في لائحة واحدة تتمكّن من الخرق في أحد المقاعد السنّيّة أو الأرثوذكسية أو الدرزية.

بلغة الأرقام والأحجام الملعب الشيعي “مُقفل”، وثنائيّ أمل-حزب الله قادر على التصدّي لمحاولة اصطياد مقعد “يذهب من درب” مشروع الخروج بأكثريّة نيابية “نظيفة” في برلمان ما بعد العهد العوني.

إضافة إلى المقاعد الشيعية الثمانية التي تبنّاها حزب الله وحركة أمل في الدائرة، أعاد الثنائي ترشيح أسعد حردان عن المقعد الأرثوذكسي وقاسم هاشم عن المقعد السنّيّ، ورشّح مروان خير الدين عن المقعد الدرزي.

مصير بلوك “المستقبل”

يجدر التساؤل عن مصير بلوك الأصوات التفضيلية التي نالها مرشّح تيار المستقبل عماد الخطيب عام 2018، وبلغت 8,543. والخطيب هو حليف للتيار وصديق لسعد الحريري، وقد عزف عن الترشّح في هذه الانتخابات لـ”اعتبارات انتخابية”. يقول لـ”أساس”: “الحريري صديقي وأحترمه. لكنّ هناك اعتبارات انتخابية أيضاً دفعتني إلى عدم الترشّح. لقد اجتمعتُ مع جميع القوى من دون استثناء، ومن ضمنهم قوى المعارضة، لكن تيقّنت أنّ هناك استحالة في خوض معركة متكافئة ضدّ لائحة الثنائي الشيعي شبيهة بمعركة 2018 التي اقتربنا فيها كثيراً من الحاصل، ولأنّ قوى الثورة والمجتمع المدني غير متّفقة في ما بينها، و”جوّ القوات” في المنطقة معروف، حاولت جاهداً العمل على ائتلاف انتخابي، لكن لم ينجح الأمر، ففضّلت الانكفاء حين وصلت إلى طريق مسدود”.

وفق المعلومات، سعى التيار إلى ضمّ مسعد إلى لائحة الثنائي الشيعي على الرغم من خيار أمل وحزب الله تثبيت ترشيح حردان

باسيل يتفرّج؟

بخلاف الانتخابات الماضية فإنّ التيار الوطني الحر هو اليوم في موقع المتفرّج في الدائرة، بعد قرار عدم خوض المعركة بمرشّحه المهندس شادي مسعد، أو مرشّح آخر عن المقعد الأرثوذكسي.

“وَهج” حلف التيار مع الثنائي الشيعي قيّد جبران باسيل بشكل كامل، إن في قضاء النبطية حيث كان يدرس خيار ترشيح مسؤول المنطقة في التيار المحامي خالد مكي عن أحد المقاعد الشيعية الثلاثة، أو في مرجعيون من خلال عدم خوض معركة المقعد الأرثوذكسي فيها.

هكذا لم يتبنَّ التيار أيّ ترشيح في الدائرة، وهو ما يطرح سؤالاً عن وجهة أصواته، ومن ضمنها البلوك الذي يمون عليه مسعد في مرجعيون. مع العلم أنّ مجموع أصوات التيار حلّ في المرتبة الأولى مسيحياً على صعيد الدائرة، والمرتبة الثانية على صعيد الصوت التفضيلي المسيحي في القضاء عام 2018.

وفق المعلومات، سعى التيار إلى ضمّ مسعد إلى لائحة الثنائي الشيعي على الرغم من خيار أمل وحزب الله تثبيت ترشيح حردان. من جهة أخرى رفض مسعد نفسه الترشّح على اللائحة من موقعه العلماني وخوفاً من تضرّر مصالحه وشركاته خارج لبنان، علماً أنّ مسعد يحمل الجنسية الأميركيّة. وقد بدا صعباً على التيار تقديم شخصية بديلة عن مسعد بسبب علاقاته المتينة مع أهالي المنطقة وخدماته العديدة، ولأنّ الـ”ديل” مع الطرف الشيعي ضيَّق هامش المناورة لديه.

عَزَفَ مسعد عن الترشّح لتسليمه أيضاً بعدم إمكانية تحقيق خرق بوجه الثنائي الشيعي الذي لديه قاعدة من نحو 400 ألف ناخب في الدائرة اقترع أكثر من نصفهم في الانتخابات الماضية، في مقابل انكفاء مسيحي وسنّيّ هذا العام. الأمر الذي يُصعّب مهمّة تسجيل سكور أكبر من الـ17 ألف صوت في 2018.

أصوات التيّار

أقفل باب الترشيح عن المقعد المسيحي الوحيد في الدائرة على أربعة مرشّحين هم النائب الحالي أسعد حردان عن الحزب القومي، فادي سلامة عن القوات اللبنانية، الدكتور الياس جرادي عن الحزب الشيوعي، مرشّح المجتمع المدني فادي أبو جمرا.

من شبه المؤكّد أنّ التيار لن تذهب أصواته للقوات أو للحزب الشيوعي، فهل يجيِّر أصواته لأبو جمرا ابن القيادي السابق في التيار والمنشقّ عنه اللواء عصام أبو جمرا، أو يدعم حردان ضمن معادلة الحصول على أصوات القوميين في دائرة أخرى؟!

قوى المعارضة

على صعيد قوى المعارضة تبرز ملامح ثلاث لوائح، وتتنازعها حتّى الآن خلافات مرتبطة بآليّة اختيار المرشّحين والبرنامج السياسي ومعضلة انسحاب مرشّح لمصلحة آخر.

تُعتبر لائحة حركة “مواطنون ومواطنات في دولة” مكتملة مبدئياً، لكنّ رئيس الحركة الوزير السابق شربل نحاس، وفق أوساطه، يشدّد على ضرورة خوض المعركة “الصعبة” في الدائرة بلائحة موحّدة للمعارضة.

تُعتبر اللائحة في وضعية الـ” pending” الآن. وأدّت تزكية الوزير نحاس للناشط نزار رمال عن المقعد الشيعي في مرجعيون، إلى توسيع دائرة التباينات بسبب اعتراض بعض القوى المعارِضة في الدائرة على التسمية ضمن مسلسل الفيتوات المتبادلة بين أهل البيت الواحد.

في المقابل هناك مجموعات الحراك في النبطية والمجموعات المنبثقة من أحداث 17 تشرين والحزب الشيوعي وحركة اليسار الديموقراطي وقوى الثورة وشخصيات مستقلّة وثورية تتّجه إلى “التكودر” ضمن لائحتين وليس لائحة واحدة بسبب التعارض في التوجّهات.

ويبدو أنّ المقعد الأرثوذكسي يخلق إشكالية كبيرة بين قوى المجتمع المدني والمعارضة في دائرة مرجعيون. فالحزب الشيوعي وقوى اليسار تطرح اسم الدكتور الياس جرادي فيما قوى تغييرية أخرى تطرح اسم فادي أبو جمرا.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى