اقتصاد ومال

الجزائر تحظر العملات الرقمية لمكافحة غسل الأموال

منعت السلطات الجزائرية رسميا إصدار العملات الرقمية، إضافة إلى جملة من الأنشطة المرتبطة بها، وذلك في إطار تعديل جديد أقرته السلطات على قانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، بعد أسابيع قليلة من إدراج البلد العربي في قائمة الدول عالية المخاطر في هذا المجال، التي صادق عليه البرلمان الأوروبي. وجاء الكشف عن هذه الإجراءات من خلال آخر عدد للجريدة الرسمية، رقم 48 الذي نشر، أمس الاثنين، ما يعني أن النص القانوني الجديد قد دخل حيز التنفيذ فعليا ورسميا.

ويقضي النص المعدل بمنع إصدار العملات الرقمية أو بيعها أو شرائها أو استخدامها أو حيازتها، كما يحظر الترويج لها أو جعلها أداة للتداول التجاري أو الاستثماري، إلى جانب منع إنشاء منصات مخصصة لتبادلها أو تشغيلها. وتشمل هذه القيود أيضا ما يعرف بـ”تعدين العملات المشفرة”، الذي أصبح مصنفا ضمن الأنشطة المحظورة قانونا، ما يشير إلى تشديد الرقابة على كل ما يتعلق بالتقنيات الرقمية المالية غير المنظمة.

ويأتي هذا المنع في سياق اتساع ظاهرة التعامل بالعملات الرقمية في الجزائر، سواء عبر منصات إلكترونية أجنبية أو من خلال أنشطة غير رسمية، وسط غياب إطار قانوني سابق يحدد بوضوح الوضعية القانونية لهذه الأصول. ويقصد بالعمولات أو الأصول الافتراضية، وفق ما ورد في القانون الجزائري الجديد، تلك القيم الرقمية التي يمكن تداولها عبر الفضاء الرقمي أو تحويلها، ويمكن أن تستخدم لأغراض الدفع أو الاستثمار.

ولا تتضمن الأصول الافتراضية، وفق ما ورد في الجريدة الرسمية الجزائرية، عمليات القيم الرقمية للعملات الورقية والأوراق المالية وغيرها من الأصول المالية. في هذا السياق، يرى الخبير المالي وأستاذ الاقتصاد بجامعة ورقلة الحكومية (جنوب) سليمان ناصر، أن حظر هذا النوع من العملات كان قد أدرج سابقا في قانون الموازنة العامة لسنة 2018، من خلال المادة 117. وأوضح ناصر في حديث لـ “العربي الجديد”، أن قانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما في نصه الجديد جاء ليعدل النص السابق الذي يعود تاريخ اعتماده لسنة 2005.

ولفت المتحدث إلى أنه خلال فترة 20 سنة تغيرت الكثير من الأمور واستحدثت تكنولوجيات جديدة ومعاملات مالية أيضا لم تكن معروفة سابقا. واعتبر ناصر أن هذا الحظر الذي جاء في 2018 وتعزز في هذا القانون المعدل، أملته عدة أسباب من بينها أن العملات الرقمية تعتبر من أسهل الطرق لتبييض الأموال، وأيضا تنتقل من بلد على بلد بسهولة كبيرة جدا، ويصعب مراقبتها ويمكن أن تستعمل في تمويل الإرهاب كذلك. وخلص إلى أن الجزائر ستضرب عصفورين بحجر واحد، فمن جهة الحكومة ترسل إشارات إلى أنها جادة في ملف مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ومن جهة أخرى الحفاظ على أمنها الداخلي والاستقرار خاصة في المجال المالي.

وحسب المادة السابعة من القانون المعدل، فإن البنوك والمؤسسات المالية مطالبة باتخاذ تدابير صارمة للعناية الواجبة تجاه زبائنها الحاليين أو المحتملين، بهدف التحقق من الهوية، ورصد العلاقة مع الأشخاص ذوي المخاطر العالية، مثل الشخصيات السياسية الأجنبية أو المحلية. ويشمل ذلك التدقيق في مصدر الأموال وطبيعة العمليات المبرمجة، وتحديث المعطيات بشكل منتظم، خاصة في حالة ظهور مؤشرات تدعو للريبة.

ويمنع القانون على البنوك استقبال تحويلات مالية من مؤسسات أو كيانات أجنبية مجهولة المصدر أو غير خاضعة لرقابة نظامية شفافة، كما يُلزمها بإخطار الهيئات المختصة في حال الاشتباه بأي معاملة ترتبط بعمليات غسل أموال أو تمويل جماعات إرهابية. في السياق نفسه، يخضع القانون المؤسسات المالية لعقوبات صارمة في حال الإخلال بالإجراءات، منها غرامات مالية قد تصل إلى 5 ملايين دينار جزائري (ما يزيد عن 38 ألف دولار)، مع إمكانية تحميل المسؤولية الشخصية لمسيري هذه المؤسسات في حال ثبوت التواطؤ أو الإهمال الجسيم.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى