شؤون دولية

الجامعة العربية لبحث سبل تخفيف معاناة سكان غزة

أكدت أن قمة المنامة تعقد في «ظرف استثنائي» تمر به فلسطين

بحثاً عن سبل تخفيف معاناة سكان قطاع غزة، بعد أكثر من 7 أشهر من الحرب، انطلقت في العاصمة البحرينية المنامة، السبت، فعاليات الاجتماعات التحضيرية للدورة 33 لاجتماعات مجلس الجامعة على مستوى القمة، المقرر عقدها الخميس المقبل، بمشاركة القادة والزعماء العرب.

وأكدت الأمينة العامة المساعدة، رئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية بالجامعة العربية، السفيرة هيفاء أبو غزالة، «أهمية انعقاد القمة العربية بالبحرين نظراً للظرف الاستثنائي الذي تمر به دولة فلسطين»، مشيرة في كلمتها خلال اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على مستوى كبار المسؤولين، إلى أن «الفترة الأخيرة شهدت تطورات غير مسبوقة، واستمراراً للممارسات اللاإنسانية في قطاع غزة».

وانتقدت أبو غزالة «عجز المجتمع الدولي، رغم محاولات عدة، عن إيقاف نزيف الدم الفلسطيني بشكل يسمح بتدارك الآثار الاجتماعية والإنسانية والصحية والاقتصادية الصعبة جداً في القطاع وكثير من الأراضي الفلسطينية المحتلة».

وكان مجلس الأمن الدولي اعتمد، في مارس (آذار) الماضي، بتأييد 14 عضواً وامتناع الولايات المتحدة الأميركية عن التصويت، القرار رقم 2728 الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان الماضي. لكن لم يتم تنفيذه.

كما يسعى الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى إنجاز «هدنة» في غزة، عبر مفاوضات ماراثونية «تراوح بين التفاؤل الحذر حيناً والتعثر في أحيان كثيرة».

وطالبت الأمينة العامة المساعدة بـ«مواصلة التدخلات بكل السبل المتاحة للتخفيف من تلك الأوضاع»، مشيرة إلى «الجهود الحثيثة لكثير من الدول العربية، في تقديم المساعدات الاجتماعية والإنسانية والصحية الطارئة لأهالي قطاع غزة، الذين أصبحوا في وضع صعب جداً، يطالبون فيه بأبسط متطلبات الحياة اليومية».

وأشارت إلى أن «الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وضعت على رأس جدول أعمال المجلس التحضيري لـ(قمة المنامة)، وجود خطة للاستجابة الطارئة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للعدوان الإسرائيلي على دولة فلسطين».

ويشهد قطاع غزة «كارثة إنسانية» وسط تحذيرات أممية من «خطر المجاعة» التي تهدد سكان قطاع غزة جراء الحرب، ونقص إدخال المساعدات الإغاثية.

في سياق متصل، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بالقرار الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجمعة، بأغلبية «ساحقة»، والذي يوصي مجلس الأمن بإعادة النظر بشكل إيجابي في عضوية فلسطين، وينص على أن الفلسطينيين لديهم الأهلية الكاملة لينالوا العضوية في المنظمة الأممية. ونقل المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة، جمال رشدي، عن أبو الغيط، قوله إن «التصويت الكاسح لصالح القرار يُشير بوضوح إلى بوصلة الإرادة العالمية ولاتجاه الرأي العام الدولي، وإن الصوت المقبل من الجمعية العامة كان عالياً وواضحاً، بحيث يصعب على أي طرف أن يصم آذانه عنه أو يتغافل عن دلالته».

وشدد أبو الغيط على أن «الدول المقتنعة بحل الدولتين عليها تسريع الخُطى لتحويل هذه الرؤية إلى واقع، وأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ونيلها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة يمثلان خطواتٍ مهمة على هذه الطريق، لأنها تضع فلسطين في المكانة التي تستحقها وتعكس واقع أهليتها للحصول على دولة مستقلة»، مشيراً إلى أن «الاعتراف بالدولة يرسل للفلسطينيين الرسالة الصحيحة في وقتٍ يتعرضون فيه لمأساة متكاملة الأركان، ويشعرون بأن العالم عاجز عن وقف المذبحة التي تُرتكب بحقهم».

وأشار المتحدث الرسمي إلى أن «رد الفعل المتعجرف لممثلي إسرائيل على هذا الصوت الكاسح الذي عبرت عنه الجمعية العامة يعكس حقيقة موقف دولة الاحتلال من قواعد النظام الدولي، ونظرتها للمنظمة الأممية وما تُعبر عنه من أعراف وقوانين»، مشيراً إلى «أهمية استمرار الضغوط الدبلوماسية لإحراج الأطراف التي ما زالت توفر الغطاء السياسي لإسرائيل داخل المنظمة الأممية، وبالأخص في مجلس الأمن».

والشهر الماضي، استخدمت الولايات المتحدة، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار قدمته الجزائر بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. وبلغ عدد الأعضاء الذين صوتوا لصالح منح فلسطين العضوية الكاملة في جلسة عقدها مجلس الأمن 12 دولة، في حين امتنعت دولتان عن التصويت هما بريطانيا وسويسرا.

بدوره، طالب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور جهاد الحرازين، بـ«وضع خطة طوارئ لمواجهة تداعيات حرب غزة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك تداعيات كارثية على القطاع، لا سيما مع عدم وصول الإمدادات الإغاثية إليه»، داعياً إلى «وضع آليات لإنشاء صناديق دعم خاصة للدول الأكثر تضرراً، إضافة إلى تصدير موقف عربي للمجتمع الدولي لدفعه لدعم الدول الأكثر فقراً، لا سيما تلك التي تأثرت من تداعيات حرب غزة». وأشار إلى «الدمار الذي خلفته الحرب والذي أدى إلى انهيار الاقتصاد بشكل كامل في قطاع غزة، والضفة الغربية، ما يتطلب وضع خطط لإعادة الإعمار وتقديم المساعدات الإغاثية، وتفعيل شبكة الأمان العربية»، داعياً القادة العرب في قمة المنامة «لاتخاذ قرارات عاجلة تسهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والإنسانية».

ويتضمن مشروع جدول أعمال الملف الاقتصادي والاجتماعي المرفوع من قبل المجلس التحضيري للقمة 12 بنداً؛ من بينها تقرير الأمين العام للجامعة العربية حول العمل العربي الاجتماعي والتنموي العربي المشترك؛ وخطة الاستجابة الطارئة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للعدوان الإسرائيلي على دولة فلسطين، والتقدم المحرز في استكمال متطلبات منطقة التجارة العربية الحرة وإقامة الاتحاد العربي الجمركي، بالإضافة إلى الاستراتيجية العربية للشباب والسلام والأمن 2023 – 2028.

وأكدت أبو غزالة «أهمية متابعة التقدم المحرز في استكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وإقامة الاتحاد الجمركي العربي، إضافة إلى دعم تمكين الشباب، من خلال مقترح استراتيجية عربية للشباب والسلام والأمن، ما يسهم في بناء الكوادر العربية الواعدة». ونوهت بـ«أهمية دور القطاع الخاص ومؤسسات وبنوك التنمية الاجتماعية كداعم لتنفيذ السياسات الاجتماعية التنموية الناجعة»، مقترحة «صياغة عقد اجتماعي جديد يأخذ في الحسبان التطورات والتحديات».

بدوره، أكد وكيل وزارة المالية المساعد للعلاقات الدولية المتعددة في السعودية، نايف بن محمد العنزي، «أهمية دفع عملية التكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي بما يعزز مسيرة العمل والتعاون العربي المُشترك». وقال، في كلمته، السبت، إن «المملكة العربية السعودية حظيت باستضافة القمة العربية في جدة العام الماضي، التي كان لها الأثر الفعّال في دفع مسيرة العمل العربي المشترك، لا سيما في المجالين الاقتصادي والاجتماعي». وأشار إلى أن «الدول العربية تسعى وبشكل مستمر في كل المحافل الدولية والإقليمية إلى طرح الموضوعات التي تصب في مصلحة العمل العربي المشترك».

ويشمل مشروع جدول الأعمال أيضاً مقترحاً مقدماً من الأمانة العامة للجامعة العربية بشأن الرؤية العربية 2045 في تحقيق الأمل بالفكر والإرادة والعمل، إضافة إلى مذكرة من البحرين حول التعاون العربي في مجال التكنولوجيا المالية والابتكار والتحول الرقمي؛ ومقترح من الإمارات حول المرصد العربي لتنمية المرأة اقتصادياً، وقرار المجلس الوزاري العربي للمياه حول الاستراتيجية العربية للأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة 2020 – 2030.

وأشار وكيل وزارة المالية والاقتصاد الوطني للشؤون المالية بالبحرين، يوسف عبد الله الحمود، إلى «أهمية التعاون العربي في مجال التكنولوجيا المالية والابتكار والتحول الرقمي، ما يسهم في دعم تحول الاقتصادات العربية نحو النماذج الاقتصادية المستقبلية». وسلط، في كلمته خلال اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الضوء على البند الخاص بمبادرة «التعاون العربي في مجال التكنولوجيا المالية والابتكار والتحول الرقمي» التي قدمتها البحرين. وقال إن «بلاده ترى أن هذه المبادرة ستسهم في دعم تحول الاقتصادات العربية نحو النماذج الاقتصادية المستقبلية، كما أنها تخدم تعزيز الشمول والاستقرار المالي وفرص تحقيق التنمية المستدامة».

ومن المقرر أن يرفع كبار المسؤولين مشروع جدول الأعمال إلى اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري التحضيري للقمة، الأحد.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى