الثقافة في زمن الازمات

رأي سياسي
الركيزة الاساسية لتطور التراث الثقافي الواسع بجميع مكوناته، من علوم وفنون وآداب ولغات وللحفاظ على الذاكرة الجماعية ، هي الكتاب ، الذي يعكس فضاءات غنية للواقع ويرسم آفاقا جديدة لدروب مشعة ..
ومن هنا فإن تاريخ لبنان الثقافي المبني على ثقافة المواجهة خير دليل على قوتنا وعلى صراعنا للبقاء.
ومهما يضيق الأفق السياسي يبدو المشهد مأزوما، هناك من يغالب الأزمات ويكافح الضيقات ويملأ الفراغ بوزنات فكرية وثقافية هو كل تاريخنا الناصع والذي سيبقى ناصعا ويمتد الى حاضرنا والمستقبل .
ومن أهم وجوه أزماتنا المتعددة، يكمن في أننا صرنا نخرج أجيالا لا تقرأ، ومسؤولية الدولة في إنشاء المكتبات العامة التقليدية والإلكترونية وتنشيط القراءة بجميع الوسائل، وبخاصة لدى الشباب الذين أنتجت هجرتهم للكتاب، هذا التدهور الكبير للغة العربية على الألسنة وفي الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي .
وفيما تواكب وزارة الثقافة أغلب النشاطات التي تجري رغم التقصير والدعم المادي الذي يحصل في كثير من الأحيان، بحسب مصدر مطلع في الوزارة لموقعنا، بسبب الوضع المالي، حيث لا ترصد الأموال الكافية للنشاطات. إلا أنه كشف لناأن “الوزارة وبالتعاون مع اتحاد الناشرين اللبنانيين وبالتنسيق مع جهات عربية ودولية، سوف تعمد الى تنظيم معرض دولي للكتاب في أوائل فصل الخريف المقبل.
ومن هنا، “لن يمنع المبدع من التفكير، والمؤسسات المختصة من النشر، وإرادة توحي بعدم الرغبة بالاستسلام، وعدم الوقوع في التراخي، إنما على العكس، تشبيك المساعي الطيبة، ومد الجسور للعمل معا على إعادة الوهج للكلمة المطبوعة، واستعادة التمتع بالكتابة والقراءة”… هو ما يراه الدكتور عصام خليفة ،المسؤول الإعلامي في الحركة الثقافية -انطلياس في حديثه الخاص ل “رأي سياسي”.
خليفة يرى أن “الدرك الذي وصلنا اليه اليوم خطير جداً “، لافتاً الى ان “التربية والثقافة والصحافة في وطننا مستهدفين، كون لبنان كان ولا يزال مركزاً للثقافة العربية ، الذي يصدّر 15 مليون كتاب للعالم العربي.
ورداً على سؤال، شدّد خليفة على أن “معرض الكتاب الذي تقيمه الحركة الثقافية، وبعد غياب ثلاث سنوات، بسبب إجراءات مواجهة فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية، يعود هذا العام (من 3 حتى 12 آذار) بدورته الأربعين، وتحت عنوان “ثقافة الحرية والمئويّة الثالثة للحضور الأنطوني في أنطلياس”. ويهدف الى توعية الشعب اللبناني على واقعه وبرامج تطال مشاكله المالية والسياسية والمعيشية والبيئية وغيرها . مشدداً على أن “المهرجان اللبناني للكتاب في عنوانه لهذا العام ينادي اللبنانيين إلى مواجهة الكارثة القائمة بالوحدة الوطنية والإلتزام بمصالح الدولة اللبنانية واستقلالها،” والتأكيد على “العدالة الإجتماعية، واحترام استقلال القضاء، وإعطاء المودعين حقهم وإجراء الإصلاحات اللازمة”.
وفي ظل الأزمة المعيشية التي يعاني منها لبنان، لفت خليفة الى أن “المهرجان قام بمساعدة دور النشر عبر تخفيض بدل المتر المربع من مئة دولار إلى 40 دولاراً، ما يخفف المصاريف على هذه الدور، ويسمح لها بتخفيص أسعار الكتب، كما أقام المعرض هذا العام مساحات مجانية لدور النشر لعرض الكتب بأسعار رخيصة أمام الجمهور .