“التيار الوطني الحر” وحيداً في الانتخابات

كتب غسان حجار في “النهار”: بات أكيداً أن “التيار الوطني الحر” لن يجد له حليفاً في الانتخابات النيابية المقبلة. وهو يجري مراجعة جدية لهذا الأمر قبل قراره خوض الانتخابات وحيداً رافعاً شعارات إصلاحية تناساها فترة من الزمن قبل أن ينخرط انخراطاً جدياً في لعبة السلطة فيخسر الكثير من رصيده. يكفي أنه بدّل اسم كتلته النيابية من “التغيير والاصلاح” الى تكتل “لبنان القوي” بعدما سقطت شعارات الاصلاح والتغيير، أو أنه اكتشف متأخراً أن لا إصلاح ولا تغيير في لبنان ضمن التركيبة القائمة الشائكة والتي لا تدع مجالاً لأي اصلاح ولو توافرت النيات الحقيقية لذلك، لأن المافيا المتجذرة في الادارة عصيّة على محاولات تبقى فردية، ولا ترقى الى المشروع الوطني.
ليس الهدف ادانة “التيار الوطني الحر”، إذ سبقه الى الفساد والإفساد كثيرون ممن تحوّلوا من ميليشيات الساحات الى ميليشيات السلطة يوم كان “التيار” ومعه “القوات اللبنانية” خارج جنة الحكم، وكانت الإمرة للوصاية السورية وأدواتها.
عودة الى الانتخابات، لا يمكن “التيار الوطني الحر” التحالف مع “تيار المستقبل”، فقد انقطع حبل الوريد بينهما، ولا أحد يعلم علم اليقين بقرار الرئيس سعد الحريري للاستحقاق الانتخابي المقبل، وسط كمّ من الشائعات والمعلومات عن انسحابه، ربما الموقت، من السباق الانتخابي.
ولا يمكن “التيار” التحالف مع “القوات اللبنانية” بعدما استيقظت شياطين العلاقة الشائكة بينهما، وطغت الأحقاد من جديد، في ظل الصراع الماروني القاتل على رئاسة، باتت أقرب الى “مطران على مكة”.
ولا تحالف مع التقدمي الاشتراكي، اذ إن مطبات كثيرة تحكم المسار المشترك الذي لم يسلك إلا بصعوبة وفي محطات قصيرة متقطعة، سرعان ما كانت تنتكس.
أما العلاقة مع حركة “أمل”، وتحديداً مع الرئيس نبيه بري، فيحكمها الحقد المتبادل، ومحاولات الانتقام والإضعاف والتباعد والتناحر.
تبقى العلاقة مع “حزب الله”، وهي توافق سياسي بين نقيضين، لا يتشابهان، ولا يلتقيان. واذا كانا التقيا لمصلحة مشتركة آنية، فإن تبدّل الاحوال والظروف قد يعيد العلاقة الى ما قبل “تفاهم مار مخايل” الذي قطف كل منهما ثماره، ولم يعد اليوم من ثمر.
“حزب الله” لم يعد في حاجة الى الحليف المسيحي القوي، في غياب الخصم السنّي القوي، وقد غاب تحالف 14 آذار كلياً، وصار الحزب يشعر أنه اللاعب الأوحد على الساحة، مع حلفاء في 8 آذار يحتاجون اليه كرافعة أكثر مما يحتاج إليهم. أضف أن الحليف المسيحي لم يعد الأقوى كما كان، بل صار يحتاج هو أيضاً الى رافعة الحزب.
في المقابل، وبعد الثمار الرئاسية، بات العهد يشعر أن “حزب الله” يقيّده، ويمنع انطلاقته، ولا يدافع عنه أمام الضربات المتتالية من مطرقة الرئيس بري، بل إن ما أصاب رئيس “التيار” جبران باسيل من عقوبات وحصار، لم يكن إلا ثمرة تحالفه مع الحزب الذي خذله في “الدائرة الـ16” وحال دون إقرارها، وهو يعلم أن أصوات المغتربين البترونيين التي تفوق العشرة آلاف، يصب معظمها في غير مصلحته، لكنه أراد ضمناً إشعار باسيل بأنه ضعيف، ويحتاج الى الرافعة “الحزب إلهية”.
اليوم يعيد “التيار الوطني الحر” قراءة كل المعطيات، والتطورات، والمتغيرات، مع قرب انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، بخسائر قلَّ مثيلها في معظم العهود، ويرى أن خوض المعركة بشعارات الاصلاح والتغيير، والذهاب نحو المعارضة الفعلية، وفك التحالف مع “حزب الله”، تعيد تأسيس مشروعه على أسس سليمة كانت في البدايات.