رأي

التنقيب عن النفط وأولويات لبنان …

خاص-رأي سياسي

أحيا اتفاق التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط آمالا بتحول اقتصادي يمكن أن يقرب بين دول هذه المنطقة، لكنه يثير في الوقت نفسه توترا، ويبرز خلافات كامنة بينما تتسابق هذه الدول للمطالبة بحصصها ، أبرزها ما يجري بين لبنان و”إسرائيل”.
وعلى الرغم من أهمية الاتفاقية الجديدة لدعم قطاع النفط والغاز في لبنان، فإن هنالك مخاوف كبيرة من عدم استفادة اللبنانيين من هذا القطاع، إلا اذا جاءت النتائج مرجوة من البلوك رقم 9، والذي يضم مساحة بحرية تمتد على حوالي 860 كيلومترا مربعا.
مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتانيان، أشارت ل”رأي سياسي” إلى أن “عملية الحفر والتنقيب عملياً لم تبدأ بعد، بل التحضيرات اللوجستية لذلك جارية،” وكان قد أعلن عنها رئيس شركة “توتال انيرجيز” عند توقيع الاتفاق في بيروت بداية العام الجاري، مع انضمام قطر للطاقة إلى ائتلاف الشركات المكونة من “توتال” و”ايني”، مشيراً إلى أن سفينة للمسح البيئي بدأت العمل وستكون نتائجها في شهر حزيران /يونيو المقبل، على ان يبدأ الحفر في الربع الثالث من السنة، على أمل الرجوع بنتائج إيجابية عن وجود غاز أو نفط قابل للاستخراج. وأشارت الشركة الى أنه تم الانتهاء من حفر أول بئر استكشافي، في الرقعة رقم 4 في أوائل العام 2020، وتستعدّ مع شريكتيها «إيني» و«قطر للطاقة» لحفر بئر استكشافي ثان في الرقعة رقم 9 خلال العام 2023.
ولفتت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة بعد عملية الحفر، إما انعدام وجود النفط أو الغاز، أو إيجاد لكميات قليلة منها أو وجود كميات كافية. وفي السيناريو الأخير أي اذا تم إيجاد كميات لا بأس بها من النفط والغاز، تقول هايتانيان أنه “علينا التأكد من شيئين، الأول بعد استكشاف النفط داخل المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة فقط، وهنا ترجع الدولة اللبنانية إلى ما ينص عليه اتفاق العقد الموقّع بينها وبين الشركات. أما إذا كانت تتخطى المنطقة الاقتصادية الخالصة إلى المنطقة الاقتصادية الإسرائيلية، يجب عندها تطبيق اتفاق ترسيم الحدود، أي على شركة توتال أن تقوم هنا بتوقيع اتفاق مع إسرائيل على حصة الأخيرة، وكيفية التعويض لها، ومع اتفاق الطرفين، تنتقل شركة توتال الى المرحلة الثانية أي التطوير والإنتاج.
متى سيستفيد لبنان من النفط والغاز؟
وفيما من المقرر أن تنعكس ثروة الغاز والنفط على الأزمة القائمة في لبنان، والتي سيحصل لبنان من خلالها على ما يقدر بنحو 50% من الايرادات، تشير هايتانيان أن “العملية صعبة ومعقدة وطويلة، و أنّ الطريقة التي سيتّم من خلالها التعامل مع هذه الثروة النفطية ستحدّد بشكل كبير ما إذا كانت ستنعكس بشكل إيجابي أو سلبي على الإقتصاد، فلبنان لن يستفيد سريعاً من التنقيب حتى لو تواجد الغاز أو النفط، فهناك مراحل عملية يجب الانتهاء منها قد تأخذ وقتاً ربما يصل من 5 الى 10 سنوات، كما توضح هايتانيان. وتمنت هايتانيان أن لا يتم عرقلة الموضوع من قبل الاحتلال الإسرائيلي في ظل الضمانات الأميركية الأخيرة.
وبحسب هايتانيان، إن “ما جرى مؤخرا في مرفأ بيروت هي المرحلة الأولى لبناء القاعدة البحرية التي سيتم العمل عليها، وتركن السفن في المرفأ من أجل الانطلاق والعودة أثناء العمل في التنقيب كما جرى سابقاً في البلوك رقم 4. ومن هنا ستكون كلفة الإنتاج بالنسبة الى توتال أغلى من أماكن أخرى، نظراً إلى الوضع الأمني الذي تشهده البلاد بعد الانفجار الذي تعرّض له المرفأ.”
وطالبت هايتانيان “بممارسة ضغط على الدولة للقيام بالإصلاحات المطلوبة كأولوية،” إلّا أنها رأت أنه “ليس هناك من يستطيع القيام بهذا الدور في الوقت الراهن،” مشددة ًعلى “ضرورة انتظار نتائج الحفر للنظر في الصورة النهائية لمعرفة ما إذا كانت هناك كميات تجارية ملائمة للتصدير.”
وقالت هايتانيان أعتقد أنه “علينا مواكبة هذا التطور، وانتظار ما سيحدث خلال جولة التراخيص الثانية، ولا أدري ما إذا كانت قطر للطاقة ستكون مهتمة بالاستحواذ على بلوكات أخرى في البحر اللبناني، بما أنها دخلت اليوم مع “توتال” و”إيني” في البلوك 9، ولكن هناك 8 بلوكات أخرى قد تكون قطر للطاقة مهتمة بالدخول في مزيد منها، وهذا ما ستكشف عنه المرحلة المقبلة.”
وتوضح هايتانيان لموقعنا، بأن”الصندوق السيادي مهم جداً في هذه الحالة لأن كل العائدات النفطية ستدخل في هذا الصندوق.”
واليوم هناك أربع اقتراحات مشاريع لهذا الصندوق في البرلمان من أجل إيجاد رؤية مستقبلية في إطار يتمحور حول الأسئلة التالية: أين ستذهب هذه العائدات وكيف ستصرف في حال أتت.
وحذرت هايتانيان من ” دراسة مشروع الصندوق السيادي على أساس عملية توزيع التحاصص كما هو جار في كل الملفات، بعيدا عن اتباع خطة اقتصادية مدروسة، ومن هنا فإن الوضع لا يطمئن والنتيجة ستكون خطيرة.”
وإن كان حلم الإستخراج يبدو بعيد المنال، إلا أن المؤشرات توحي بأن الملف بدأ على نار حامية والخيار الوحيد هو انتظار المراحل عملية التنقيب.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى