التغيير هو عنوان ثورة الشعب الإيراني وليس الترقيع
جاء في مقال للكاتب موسى افشار في صحيفة “السياسة” الكويتية :
من أبرز سمات ومميزات العصر الحديث أن أي نظام سياسي في العالم عندما يتعرض لأحداث وتطورات عاصفة، غير متوقعة بحيث تهزه بعنف، يبادر من فوره الى سلسلة إجراءات نوعية من أجل مواجهة الحالات السلبية التي تسببت بتلك الاحداث والتطورات، وسد الثغرات.
لكن لو طبقنا ما قد سردنا آنفا على النظام القائم في إيران، فإننا نجد أنفسنا أمام حالة يمكن اعتبارها فريدة من نوعها، وليس لها نظير حتى مع الانظمة الديكتاتورية.
العالم كله تابع عن كثب مواجهة النظام الايراني لأربعة انتفاضات عارمة في الاعوام 2009 و2017 و2019، وانتفاضة 2022 التي لا تزال مستمرة، لكن الذي لفت النظر كثيرا أن النظام قد واجه الاحداث والتطورات بأساليب يغلب عليها الترقيع بما يخدم بقاءه واستمراره، والمحافظة عليه، وليس السعي الجاد من أجل البحث عن الاسباب والعوامل التي وقفت خلف اندلاع تلك الانتفاضات ومعالجتها، بل إن الذي فعله هذا النظام يمكن وصفه بنوع من الهروب للأمام، وتجاهل أصل المشكلة، والانشغال بأمور ليست لها من أي علاقة بالموضوع.
عند البحث والتقصي عن الاسباب التي كانت وراء اندلاع الانتفاضات الاربع، فإننا نجدها تنحصر في ما يلي:
ـ رفض الافكار والمفاهيم المتطرفة التي تمنح النظام المبرر لمصادرة الحريات وتضييق الخناق على الشعب.
ـ رفض أي أفكار، ومفاهيم، وقيم خارج إطار أفكاره، واعتبار أي أفكار ومفاهيم مختلفة عن تلك التي يدعو إليها النظام بمثابة مؤامرة عليه تستوجب المحاكمة والتخوين!
ـ معاداة المرأة، وكراهيتها، والنظر إليها، والتعامل معها ككائن وعنصر ثانوي بسبب جنسها، والحط من كرامتها، واعتبارها الانساني، وإن المضايقات التي تعرضت لها المرأة الايرانية والتي تجسدت إحدى حالاتها فقط في ما تعرضت له الشابة الكردية مهسا أميني، قد عكست عقلية النظام من حيث النظر والتعامل مع المرأة.
ـ الاوضاع الاقتصادية والمعيشية بالغة السوء بسبب ان النظام قد منح الاولوية من أجل تحقيق أهدافه وغاياته الخاصة، التي من أهمها مشاريع التسلح النووي، تمويل وتسليح وتدريب الميليشيات، والصواريخ الباليستية والمسيرات، وهذا ما تسبب بجعل أكثر من 70 في المئة من الشعب الايراني يعيشون تحت خط الفقر.
ـ بسبب النهج المشبوه للنظام والمبني على أساس نظرية ولاية الفقيه المتطرفة، وما ترتب عنها من انتهاكات حقوق الانسان، وأحكام الاعدمات التي يجري تنفيذ العديد منها أمام الملأ، والنشاطات الارهابية للنظام، وبرامجه النووية والصاروخية، فقد أصبح هذا النظام مكروها ومعزولا عن العالم.
لكن السؤال المهم الذي يجب طرحه هنا: هل النظام الايراني اقدم على تغيير أي من هذه الامور، والتي تقف كأسباب وعوامل وراء اندلاع الانتفاضات؟
الحقيقة إن الاجابة بالنفي القاطع، إذ إنه اكتفى دائما بالترقيع، وتحاشى أي معالجة، لأنه يعلم أن ذلك سيمس الركائز الاساسية التي يقوم عليها وهي: قمع الشعب الايراني، وتصدير التطرف، والارهاب، والسعي من أجل الحصول على أسلحة الدمار الشامل، لكن الشعب الايراني يريد التغيير الجذري بإسقاط النظام، وقيام جمهورية ديمقراطية، وليس ترقيعا يخدم النظام ويسهم في بقائه واستمراره!
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن “رأي سياسي” وإنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا