التغيرات المناخية تعصف بالأمن المائي العالمي.
حذرت الهيئة العالمية للأرصاد الجوية من أن التغيرات المناخية أدت بالفعل إلى اضطراب دورة المياه على وجه الأرض ما ينذر بمزيد من الأخطار على الأمن المائي العالمي.
وأشارت الهيئة في تقرير “أنماط المياه العالمية في 2022” وهو ثاني تقرير من نوعه تصدره الهيئة المعنية بمتابعة أحوال الطقس والمناخ حول العالم إلى أن معظم الكوارث حول العالم تعود في جذرها لمشكلات المياه.
وأضاف التقرير أن الدورات الهيدروليكية أصبحت “أكثر اضطراباً” وأنها بالفعل بدأت “تتحرك بعيداً من التوازن” الطبيعي المعتاد. وأوصى التقرير بالحاجة العاجلة والملحة لتطوير “أنظمة مراقبة دقيقة وواسعة النطاق، بخاصة في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا”.
وقالت الهيئة إن هطول الأمطار بشكل “متطرف عن المعتاد” وذوبان الكتل الجليدية والثلجية يهدد الأمن المائي العالمي على المدى الطويل، وطالبت بمزيد من مشاركة المعلومات والشفافية من المناطق المختلفة، بخاصة ما يتعلق بأنماط المياه، إضافة إلى نظام مراقبة وتحذير عالي الكفاءة.
وقال الأمين العام للهيئة العالمية للأرصاد الجوية بيتري تالاس، “يتراجع حجم الكتل الجليدية والغطاء الثلجي على الأرض أمام أعيننا، ودرجات الحرارة ترتفع وسببت اضطراب دورة المياه”. وأضاف وفق ما نقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن “الحرارة في الغلاف الجوي تحتوي على مزيد من الرطوبة، لذا نشهد المزيد من حالات التكثف والفيضانات الأشد قوة، وفي المقابل، نشهد أيضاً المزيد من التبخر وجفاف الأراضي ومزيداً من التصحر”.
اضطراب هيدروليكي خطر
وتقود تلك التغيرات المتطرفة في دورة المياه على الكوكب، والناجمة عن التغيرات المناخية المتسارعة في السنوات الأخيرة، إلى تغير ربما يصبح دائماً في توازن دورة المياه على الأرض. ويرى رئيس هيئة الأرصاد أن “الغالبية العظمى” من الكوارث على الأرض “لها علاقة بالمياه”، ويضيف أن توافر المعلومات الهيدروليكية الدقيقة يمكن أن يسهم في تطوير نظام إنذار مبكر عن المناطق التي تتعرض للفيضانات والجفاف.
وأدى الفيضان الذي انفجر في سد توليد الكهرباء من الطاقة الهيدروليكية في منطقة الهيمالايا الهندية الأسبوع الماضي إلى مقتل 31 شخصاً شمال شرقي الهند، بحسب ما ذكرت وكالة “أسوشييتد برس” في تقرير لها، فيما كانت بحيرة ثلجية في المنطقة فاضت بقوة إثر سقوط أمطار غزيرة، وأدى فيضان البحيرة إلى إغراق القرى والبلدات الجبلية في المنطقة بالمياه شديدة البرودة التي غمرت في فيضانها البيوت وأجبرت الآلاف من السكان على إخلاء أماكن معيشتهم.
ويركز التقرير الذي أصدرته الهيئة على تحديد أنماط تغذية الأنهار وبحيرات تخزين المياه وأيضاً على تحديد مستويات المياه الجوفية في مناطق العالم المختلفة، وخلص التقرير إلى أن أكثر من نصف مناطق المياه في العالم، من منابع أنهار وأحواض تخزين “انحرفت” تماماً عن ظروفها العادية في العام الماضي 2022، وأصبحت الغالبية منها في حالة جفاف أكثر من المعتاد.
وتعاني بعض مناطق العالم من الجفاف، وتواجه مناطق أخرى أخطار الفيضانات الهائلة، إذ أشار التقرير إلى أن حوض نهر يانغتس في الصين تعرض لجفاف شديد، في الوقت الذي أدى فيه فيضان نهر إندوس في باكستان إلى مقتل حوالي 2000 شخص وتشريد ثمانية ملايين آخرين، أما في جبال الألب بأوروبا، فقد ظل الغطاء الثلجي أقل من مستواه الطبيعي “بشكل كبير” ووصل إلى مستوى أقل من متوسط حجمه في 30 عاماً، وأدى ذلك إلى تضرر مصادر ومنابع الأنهار الكبرى في القارة الأوروبية.
ذوبان جليد وأعاصير
وبحسب التقرير، فإن حجم الكتل الجليدية تراجع بأكثر من نسبة أربعة في المئة في هضبة التبت وجبال الهيمالايا وكاراكورم وهندو كوش وباميرز وتيان شان، وأدى ذلك أيضاً إلى الإضرار بمنسوب المياه في أحواض الأنهار الكبرى.
كانت هيئات المناخ والأرصاد العالمية أعلنت الشهر الماضي عن عودة ظاهرة النينو المناخية، والتي تتضمن سخونة المياه في المحيط الهادئ (الباسيفيكي) وينتج منها تغير كبير في طبيعة هطول الأمطار ودرجات الحرارة في العالم.
وخلال فترة ظاهرة النينو المناخية، يحتمل أن تواجه مناطق مثل جنوب أميركا وجنوب الولايات المتحدة ومنطقة القرن الأفريقي زيادة كبيرة في هطول الأمطار وربما فيضانات كبيرة، بينما تواجه مناطق مثل أستراليا وإندونيسيا احتمالات الجفاف والتصحر.
لطالما حذر العلماء من أن التغيرات المناخية تؤثر بشكل واضح على كثافة ووتيرة هطول الأمطار ويمكن أن تؤدي إلى “حوادث مناخية عنيفة”، وبحسب تقارير الأمم المتحدة، ارتفعت درجة حرارة كوكب الأرض بما لا يقل عن 1.1 درجة مئوية ولكل ارتفاع بسيط في درجات حرارة الكوكب آثار هائلة على الظواهر الطبيعية بما فيها دورة المياه.