الترسيم والإستحقاق الرئاسي في مهبّ التطوّرات الداخليّة والدوليّة
كتب فادي عيد في “الديار”:
بات جلياً أن عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و «إسرائيل» قد لا تشهد أي تطورات إيجابية في ما تبقى من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، وعليه لا دخل لها من قريب أو بعيد ببعض الإستحقاقات الإقليمية والدولية من المفاوضات النووية في فيينا، وصولاً إلى انتخابات «الكنيست الإسرائيلي»، بل تسعى «إسرائيل» دائماً من خلال سياساتها الإستيطانية والتوسّعية، إلى قضم المزيد من الأراضي والخيرات العربية منذ نشأتها، وعلى هذه الخلفية، فإن الصراع الآخر يتمثّل بالشركات التي ستستخرج الغاز، وصولاً إلى الدول التي ستقوم بتكريره، وبمعنى آخر، ثمة تداخلات سياسية دولية وإقليمية، إلى المعطيات الإستثمارية الإقتصادية.
في السياق، تشير مصادر مطلعة، إلى أن أزمة ترسيم الحدود قد تكون من ضمن الملفات التي تضجّ بها الساحة الداخلية، وحيث بات من المتعارف عليه من خلال ما تؤكده بعض المراجع الموثوقة، أنها سترمى على العهد الجديد لجملة ظروف واعتبارات، نظراً لعدم تبلور المشهد الاقليمي والدولي في ظل التطورات الدراماتيكة الناتجة عن الحرب الروسية ـ الأوكرانية، إلى التطورات الأخيرة في العراق، وترقّب من سيكون رئيس الوزراء «الإسرائيلي» الجديد، إضافة إلى عامل محلي ويتمحور حول تصفية الحسابات السياسية بين معظم المكونات والأطراف، لا سيما بين عين التينة وبعبدا، والأمر عينه على خط رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، وما بينهما «التيار الوطني الحر»، بمعنى أن لهذه المعطيات علاقة مباشرة بالإستحقاق الرئاسي الذي يطغى على ما عداه من استحقاقات محلية، وصولاً إلى ترقب الأيام القليلة المقبلة والتي لها صلة بالوضع الحكومي، في ظل «الكباش» القائم بين عون وميقاتي، وثمة انتظار لما يمكن أن ترسو عليه هذه المسألة، التي هي المدخل للتأكيد على إجراء الإنتخابات الرئاسية في حال قبِل ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة وانصاع لرغبة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي كان هدّد ببقاء الرئيس عون في قصر بعبدا في حال لم تُشكّل حكومة جديدة، ولكن الرئيس المكلّف لن يعطيه هذه الفرصة، ومتمسّك بالتعديل.
من هذا المنطلق، وبناء على هذه الأجواء والمعطيات، لا تخفي المصادر أن الساحة اللبنانية تعاني في الداخل بفعل الإنقسام السياسي العامودي، وصعوبة التوافق على حكومة أو رئيس عتيد للجمهورية، لا بل أن الأوضاع تسير إلى الهاوية بأشكال دراماتيكية، أما العامل الآخر فيتمثل بالوضع الدولي الذي لم يظهر الحماسة المطلوبة لمساعدة لبنان وخروجه من أزماته نظراً لأولوياته، وتحديداً إقتصادياً على خلفية الحرب في أوكرانيا، وحيث الأنظار شاخصة ومسلّطة على ما يجري من تداعيات نتيجة هذه الحرب.
وبالتالي، فإن لبنان يترقّب أن تكون الأيام المقبلة محطة لتظهير الدور الفرنسي على ضوء اللقاء الذي حصل في العاصمة الفرنسية بين المسؤولين الفرنسيين والسعوديين، وينقل بأن التفويض الأميركي والدولي لباريس لا زال قائماً، ويحظى بدعم عربي، لذلك كل الإحتمالات واردة في المرحلة القادمة، ولكن في المقابل، تتحدث المصادر عن قلق ومخاوف من أن يستغلّ البعض الأوضاع الإجتماعية والحياتية المتدهورة بشكل مريب، ويدخل البلد في حالة من الفوضى العارمة، الأمر الذي قد يكون ذريعة لدى بعض القوى السياسية لتطيير الإستحقاق الرئاسي، وإدخال لبنان في نفق مظلم، أي لا شيء محسوما حتى اليوم على ضوء هذه التطورات بكل أشكالها وملفاتها.