التدحرج العسكري القادم يبدأ من قبرص
كتب فخري هاشم السيد رجب في صحيفة القبس:
عسكريا، لم تسيطر على كيلومتر مربع! وانسحابها الأخير حصل للتخلص من معركة فاشلة، وليس لاعادة انتشار، فهذه الحرب غير متناظرة، فجيش الاحتلال هو الجيش الـ18 عالميا، والرابع في التقنيات التكنولوجية، يخوض حربا مع فصائل تمّ إعداد الفرد والجماعة فيه بصورة مثالية مجهزة عقائديا وعسكريا وحِرَفيا وتاريخيا. ليس لهذا الجيش أية خبرة في حرب المدن، وفعليا هذه هي المرة الأولى في تاريخ الحروب التي يفصل فيها سطح الأرض بين المهاجم والمُدافع، ما اضطر دولة الكيان إلى الاعتراف بخبرة المقاومة، رغم ان غزة محاصرة فعليا منذ 1986، وتعيش حصارا مطبقا بشكل كلي منذ عام 2013، وهو الأمر الذي أربك الاحتلال كثيرا، كيف استطاعت المقاومة أن تحاكي تلك الأسلحة المتطورة وتصنع أسلحة من العدم، مثل بندقية قنص الغول.
مقاتلون بالمحصلة لا يتجاوز عددهم الآلاف وقفوا ليس أمام دولة الاحتلال وحسب، إنما أمام العالم الغربي، بكل زعاماته، الذي تهافت لإحياء ذاك الجسد المتهالك منذ السابع من أكتوبر، ففعليا تراجع المحتل عن ثمانين بالمئة من كتلة المباني وبات في مساحة زراعية فارغة، ويحاول أن يوهم الآخرين بأنه قد دمر عشرات الانفاق، علما أن عدد الانفاق يتخطى الخمسمئة وسبعين كيلومتراً كمساحة، بعدد يتجاوز 1300 نفق، وبأكثر من طابقين وثلاثة. وكل الأفلام التي قدمها جيش الاحتلال كانت تصور انفاقاً للخدمات وليست لغرض الهجوم والدفاع، لقد صُممت الانفاق بطريقه متقنة إما خدمية لاغراض لوجستية أو قتالية، ولو كانت متصلة ببعضها لاستطاعوا إغراقها بالمياه.
عموما، إذا ما استمرت دولة الاحتلال في هذا التصعيد، فنحن ذاهبون إلى التدحرج العسكري الإقليمي، اي إلى انهيارات اقتصادية، فالبقاء على هذه الوتيرة يعني أن هذا الكيان سيعمل على إعادة توزيع وترتيب واقع الشعب الفلسطيني في المنطقة وخارجها، لذلك عمد إلى تدمير إمكانات بقاء الحياة في غزة، فاستهدف أكثر من 17000 طفل وامرأة، وهو اكبر رقم منذ الحرب العالمية الثانية، وما الهدنة التي حصلت الا وهما عمد خلالها المحتل إلى اعتقال الآلاف.
بعد اكثر من ثمانين يوما من القصف الجوي، تُرى ماذا حققت دولة الاحتلال بعيدا عن الجرائم والتدمير؟
في المقابل، العدو اخلى تل أبيب من ثمانين بالمئة من شركات التكنولوجيا، مثل شركة إنتل، حيث تم تفريغ مصنعين لها بغلاف غزة تجاوزت تكلفتهما المليارين وخمسمئة مليون دولار، وغيرها كثير، وأكثر من 400 الف غادروا (إسرائيل) نهائيا، ومن بقي هم الفقراء والعسكر… وجهات المغادرة ثلاث، أولها شمال قبرص، حيث استوطن الآلاف وبنوا جمعيات لـ80 الف مستوطن، وثانيها البرتغال التي سهلت شروط الحصول على جواز سفر برتغالي، والثالثه أميركا، والطامة الكبرى ستبدأ من قبرص، حيث إن القبارصة اليونانيين أصحاب الأرض الحقيقية بدؤوا بتقديم دعاوى على ثلاث شركات (إسرائيلية).
القصة بدأت تخل بالتوازن الدولي. لعل التحرير قادم… ولله حكمته.