باسم المرعبي – ناشر موقع “رأي سياسي”:
بعدما كان اللبناني يُضرب به المثل أينما حل، وبعد أن كانت معظم الدول العربية والأوروبية وغيرهم تفتح له ابواب العمل في اضخم الشركات لأنه مميز ومتفوق في عمله، الا ان الأزمة الاقتصادية التي ضربت لبنان منذ اربع سنوات، وضعت سمعة اللبنانيين على المحك، وبدأت الدول تتعامل مع اللبناني على انه يقبل بأي راتب يعطى له ب”الفريش دولار” نتيجة لتدهور العملة المحلية، وبعدما كان يحصل على راتب عالي يتخطى الألفي دولار بات يحصل على الفُتات في لبنان وخارجه.
اليوم أيضا يتم ضرب سمعة لبنان التربوية، من خلال تضخيم الأخبار التي تتحدث عن التحرش بقاصرين في المدارس وفي غيرها لا سيما في المناطق النائية، او كتابة عناوين لافتة تتحدث عن الدعارة على الطرقات، لمجرد زيادة نسبة القراء.
فعلى الرغم من اهمية الموضوع وضرورة تسليط الضوء عليه اعلامياً، الا ان الطريقة ترتد سلباً على لبنان و”صيت” شعبه، وكأن هناك من يريد اظهار لبنان وكأنه بؤرة للدعارة والجنس والفلتان الامني، وهذا كله يحصل ونحن على ابواب موسم الاصطياف الذي يجذب السياح من مختلف اقطاب الارض، فمثل هذه الاخبار يمكن ان ترعب الزوار، وخطرها لا يقل خطراً عن الفلتان الأمني، التي قد تجعل من أي سائح يحسب الف حساب قبل ان يقرر زيارة لبنان.
فمن الذي يريد ان يُظهر لبنان وكأنه يُدار من “باترونات الدعارة الاقتصادية والسياسية والتربوية”، ومن المستفيد من تضخيم الامور؟.
الشارع اللبناني الذي لم يستفق بعد من الصدمة بعد فظائع “قضية التيكتوكر الشهير” الذي بلغ عدد الموقوفين فيها أكثر من 11 موقوفًا، بتهمة تشكيل عصابة لاغتصاب الأطفال، الشهر الماضي، والتي لا تزال تبعاتها تتوالى مع صدور مذكرات توقيف بحق متهمين باتوا خارج البلاد، جاءت قضية التحرش في احدى المدارس في بلدة كفرشيما لتثير الذعر لدى الاهالي، خصوصا ان المدارس تعتبر البيئة الآمنة للطلاب، والمكان الذي يرسلون الاهل اولادهم اليه للتعلم والتثقيف، فها هم يفقدون الثقة بالقطاع التربوي اليوم بعد فضيحة التحرش بفتيات قاصرات من قبل استاذين في المدرسة وبعلم المدير، وهذا الأمر ربما يحصل في أمكنة أخرى لكن المعنيين بها لا يتجرأون الكشف عنها إما خوفاً من تهديد، أو هرباً من الفضيحة.
وفي تفاصيل ما حصل في كفرشيما ان القضية بدأت حين اكتشف والد إحدى الطالبات تسجيلًا صوتيًا في هاتف ابنته، يحمل الكثير من الألفاظ الإباحية وعبارات التحرش الفاضحة، قبل أن تصل القضية إلى وزير التربية عباس الحلبي، الذي أمر بفتح ملف قضائي، لتبدأ بعدها القاضية نازك الخطيب بالتحقيق في القضية.
ومع بداية التحقيقات، اكتشفت القاضية أن عمليات التحرش في المدرسة، بدأت منذ ثلاث سنوات، بمشاركة أستاذ رياضة، وأستاذ رياضيات وحارس الأمن في المدرسة، بعلم من مدير المدرسة، وبعد توقيف المدير وأستاذ الرياضة والحارس، الذي تبين أنه كان موقوفًا سابقًا لمدة شهر بتهمة التحرش.
وبعد تواري أستاذ الرياضيات عن الأنظار عقب بداية التحقيقات، عادت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، لتلقي القبض عليه.
وبعد استنفار اهالي البلدة، والبلبلة التي حصلت أصدرت المدرسة بياناً وصفت فيه ما يتمّ تداوله بالأخبار الكاذبة وأكدت أن الأستاذ المذكور في التحقيق والذي فرّ من وجه العدالة، ولكن جرى القبض عليه لاحقا، مطرود من المدرسة وقد فُصِل منذ ما يقارب شهرين من الآن. وكذلك عامل الحراسة الوارد اسمه، فإنه مفصول من المدرسة منذ تشرين الأول. وبالتالي فإنه لا مجال أن يُقال إننا نغطّي حالات غير سويّة، كما تدّعي بعض وسائل الإعلام.
مصدر في وزارة التربية وفي اتصال مع “رأي سياسي”، شدد على انه يتوجب على الاهالي عدم الخوف من المدارس، وان الحادثة فردية ويتم التحقيق فيها، وان وزير التربية أعطى التعليمات للتحرك الفوري من جانب الوحدات الإدارية والتقنية المعنية، وتم إبلاغ وزارة العدل كما هو معمول به بين الوزارتين.
صحيح ان القضاء المختص تحرك فورا، كما تم تقديم الدعم النفسي الاجتماعي للتلامذة، غير أن ذلك لا يعفي وزارة التربية من الاستنفار وتفعيل التفتيش التربوي والقيام بزيارات دورية على المدارس، وفرض حصص توعية في المدارس والطلب من الأهل عدم التستر على اي حالة شاذة يتعرض لها اولادهم في المدارس وغيرها.