التحدي الأصعب أمام الصين والعرب

كتب د. عمرو منصور, في الخليج:
في وقت يزداد فيه تأثير القوة الإعلامية في صياغة العلاقات الدولية، وتحديد مكانة الأنظمة على خريطة صناعة القرار العالمي، تواجه العلاقات بين الصين والعالم العربي إشكالية في التواصل الإعلامي على المستوى الشعبي بما يمثل تحدياً ناعماً يتعارض مع تنامي الترابط السياسي والاقتصادي الرسمي.
في هذا السياق، انعقدت الدورة السابعة لملتقى التعاون الصيني- العربي في مجال الإذاعة والتلفزيون بمدينة تشونغتشينغ الصينية بين 4 و6 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، بتنظيم من الهيئة الوطنية الصينية للإذاعة والتلفزيون والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، واتحاد إذاعات الدول العربية وبمشاركة نحو 300 ممثل من الصين و16 دولة عربية. تحت عنوان «التدارس بين الحاضرتين الصينية والعربية، والتنافع في الابتكار الإعلامي السمعي والبصري»، حيث ركز المشاركون على محورين رئيسيين، هما المحتوى والتكنولوجيا.
ودخلت الصين الملتقى وهي تدرك الفجوة التي تعانيها أداتها الإعلامية في التواصل مع الشارع العربي قياساً بمكانتها على الساحة العالمية ومقارنة بنجاح منافسيها الآسيويين.
ومن ثم ففي عصر الانفتاح الإعلامي اللامتناهي، تبدو بكين بحاجة إلى بناء جسور معرفية ووجدانية أكثر متانة مع قرابة 500 مليون مواطن عربي يمثلون ثالث أكبر كتلة سكانية في العالم، ويستمد معظم معلوماتهم عن الصين مجتمعاً وثقافة وحياة يومية من مصادر إعلامية منافسة، ومن بعض الدراما العربية والأجنبية التي تقدم صورة هزلية عنها في قالب كوميدي، أو بعض الدراما الصينية القديمة التي لا تبلور التطور الذي تعيشه البلاد حالياً ما ينعكس بشكل غير مناسب على صورتها ويرسخ انطباعات بمرور الزمن سيصعب تغييرها، وربما تكون لها تداعيات سياسية واقتصادية مستقبلاً، خلافاً لجهود القيادة لإبراز تقدم الدولة.
على الجانب الآخر، فعلى الرغم من الانطباع الإيجابي العام لدى المواطنين الصينيين عن العالم العربي، فإن معرفة شريحة مؤثرة منهم عن 22 دولة عربية بثقافتها وتاريخها ومدنيتها الحديثة تقتصر غالباً على إعجابهم بدبي كوجهة سياحية واقتصادية عالمية والشغف بالآثار الفرعونية والحضارة المصرية القديمة التي تناظر الحضارة الصينية، فلا تجد لديهم معلومات عن دول عربية بأكملها أوعواصم ومدن مهمة لها ثقلها في موازين السياسة والاقتصاد والثقافة، فما بالنا بحال معرفتهم بهذه المجتمعات وسماتها، ما يدلل على ضرورة اهتمام الإعلام العربي بوضع خطة عمل لتجسير التواصل الإنساني مع 1,4 مليار نسمة يمثلون أكبر كتلة سكانية وثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، لاسيما مع تشابك المصالح وتصاعد الأدوار للعديد من الدول العربية على الصعيدين الدولي والإقليمي.
في إطار هذه التطلعات السيسيوثقافية للجانبين العربي والصيني، أكد الإعلان المشترك للملتقى العزم على تعميق التعاون الثنائي في السياسات والتكنولوجيا والتقارير الإخبارية والمحتوى السمعي البصري لنقل صورة موضوعية عن كليهما، كما تقرر تنفيذ برامج تبادل إعلامي بين سبتمبر/أيلول 2025، ويونيو/حزيران 2026، تماشياً مع فاعلياته والقمة الصينية-العربية الثانية القادمة.




