ربما يكون الأوان قد فات على احتواء الصراع في أوكرانيا وآثاره الممتدة التي تطال الكثير من القطاعات، إذ من المرجح أن تلك الحرب خرجت إلى الشارع باستهداف عبوة ناسفة سيارة في موسكو، مما أدى إلى مقتل الصحفية الروسية داريا دوغين – ابنة ألكسندر دوغين المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – وهو ما قد يستدعي ردا من الجانب الروسي.
وأثار هذا الحادث تساؤلا هاما طرحته صحيفة التايمز البريطانية في مقالها الافتتاحي؛ هل يرد بوتين بقصف جديد يستهدف أوكرانيا هذا الأسبوع تزامنا مع الاحتفال بذكرى الاستقلال؟ أم أنه قد يستغل الانفجار في تطهير الأجهزة الأمنية الروسية؟
ورجحت الصحيفة أن بوتين قد يتخذ المسار الثاني، إذ سبق لجوزيف ستالين أن استخدم طرق قتل غامضة لتصفية سيرغي كيروف عام 1934 ليبدأ عهدا جديدا شهد محاكمات معلنة وسرية للحرس البلشفي القديم، وإصلاح الهيكل السوفييتي بالكامل.
وقالت إن بوتين ربما لا يكون في حالة استعداد لشن حملة موسعة تشبه “التطهير الكبير”، لكن يبدو أنه يحصن منصبه وسط الحرب الطاحنة التي يديرها في أوكرانيا، التي لم تحقق أي شيء سوى نجاح متقطع، وما يثيره هذا الصراع من تساؤلات حول ما إذا كان الرئيس الروسي لا يزال جديرا بالمنصب وقادرا على حمايته.
وأشار المقال الافتتاحي للتايمز إلى أن هذا الهجوم التفجيري يتجاوز كونه مجرد مشهد دموي في مسلسل الحرب الضروس في أوكرانيا التي تشهد قصفا بالجملة للمدنيين الأوكرانيين. فهناك تقارير تشير إلى أن الهجوم كان يستهدف ألكسندر دوغين المحلل السياسي الروسي المقرب من الرئيس الروسي.
وربما جاء استهداف الصحفية ابنة دوغين عن طريق الخطأ، إذ يعتقد أنه هو الذي كان مستهدفا بالتفجير انتقاما منه بسبب آرائه، إذ كان مؤيدا قويا لضم إقليم القرم في 2014. كما كتب مقالا في الفترة الأخيرة قال فيه: “أعتقد أنه ينبغي أن نقتل، ونقتل، ونقتل الأوكرانيين، فليس هناك مجال للمزيد من الحوار”.
وبينما توجه موسكو الاتهامات إلى أوكرانيا بأنها هي التي دبرت الهجوم، تنفي كييف أن يكون لها صلة بالتفجير. كما يصعب الربط بين الحادث وما يمكن أن تجنيه أوكرانيا من قتل دوغين وابنته أو أي منهما.
ورجحت التايمز أن هناك صراعا بين الأجهزة الأمنية في روسيا، وأن هناك معسكرا من معسكرات الصراع سعى إلى قتل دوغين أو ابنته أو كلاهما معا من أجل إضافة المزيد من التطرف إلى التوجه الداعم للاستمرار في الحرب.
وأشار المقال أيضا إلى أنه ربما يكون هذا الهجوم محاولة لإخفاء الفشل في حسم الحرب في أوكرانيا والتقدم البطيء الذي يحرزه الجانب الروسي والتأخر في ضم دونيتسك، ومسعى يستهدف تعظيم دور بوتين في الصراع ومساعدته على احتلال مساحة أكبر في المشهد الحالي وسط الحرب.