التأمين الصحي.. الحلم الغائب.
كتب محمد الحيدر في صحيفة الرياض.
تبقى قضية التأمين الصحي من أهم القضايا التي تشغل بال كل مواطن على أرض المملكة، ولا أتذكر وزير صحة تولى حقيبة هذه الوزارة المهمة، إلا وتناول موضوع التأمين الصحي من زوايا متعددة، فبات الأمل قريباً أن يتحقق هذا الحلم الغائب، أو صعب التحقيق، بل أزعم أن هذا الملف هو الذي يجد تفاعلاً أكثر من غيره، ويترقبه الكثيرون.
ويتجدد الأمل بعد تصريحات معالي وزير الصحة المهندس فهد بن عبدالرحمن الجلاجل، في ملتقى الصحة العالمي، والذي اختتم مؤخرا في الرياض عن التأمين الصحي الوطني والتأمين الصحي الخاص، حيث أشار إلى أن التأمين الوطني مكفول من الدولة وسيكون مجانياً، ولا يوجد له سقف، وأنه لا يتطلب تجديداً بشكل سنوي، وأن مرحلة التهيئة للتأمين الوطني تتزامن مع بداية المرحلة الثانية من التحول في وزارة الصحة بانتقال التجمعات الصحية التدريجي إلى شركة الصحة القابضة وهي العملية المخطط أن تبدأ منتصف العام القادم 2024؛ التي سيستغرق العمل فيها قرابة عامين لاكتمالها، تليها مراحل تفعيل التأمين الصحي الوطني للمستفيدين، ويأتي ذلك بعد صدور قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تنظيم مركز التأمين الصحي الوطني، الذي تم تأسيسه بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 469 القاضي بتأسيس شركة الصحة القابضة والموافقة على تنظيم مركز التأمين الصحي الوطني في منتصف العام الماضي 2022.
إننا أمام فترة لا تتجاوز ثمانية أشهر لبداية مرحلة التأمين الصحي، ونأمل أن يتحقق هذا الحلم الذي طال انتظاره، مع يقيني أن وزير الصحة والوزارة وشركة الصحة القابضة يبذلون جهوداً جبارة للارتقاء بمنظومة الصحة في المملكة، وأهم ما لفت نظري في مسألة التأمين الصحي، لدى الوزير الجلاجل جدية الطرح، مما يؤكد أن هناك رؤية جديدة لتنفيذ استراتيجية وطنية، تقوم على تعزيز فلسفة الوقاية بشكل مركز، وأكد عليها معالي الوزير، عندما أشار إلى أننا نعمل على تعظيم فكرة الوعي، التي تؤدي إلى الوقاية الشاملة، ومن ثم تتغير منظومة العلاج الذي تكفله الدولة –أعزها الله– لذا فيجب أن يكون لدينا من الوعي لاستقبال الإعلان عن منظومة التأمين الجديدة، وتأييد الفكر الداعم لمسألة تعميم التأمين على جميع أفراد الشعب؛ لأننا في مرحلة ستشهد تغيرات كبيرة وجذرية في الأنظمة والاستراتيجيات، تصب في مصلحة الإنسان على أرض المملكة في جميع المجالات.
فمنذ صدور تصريحات معالي وزير الصحة، وتنهال علينا الأسئلة التي لا نعرف لها إجابة في الوقت الراهن، وهذا شيء في تقديري أنه منطقي، لأن هناك مزيداً من الوقت، فنحن في انتظار الاستراتيجية الكاملة للتأمين الصحي، الذي أراه مبشرا ولافتا عن كل ما طُرح في الماضي، وأن مسألة الوقت ليست بعيدة، بعدها سنتعرف عن قرب على المنظومة الجديدة، ومن ثم تقييمها.
نحن أمام حدث مهم يجب أن يحظى باهتمام أكبر وتفاعل مع الإنسان السعودي؛ لتتم الإجابة على تساؤلاته المشروعة، ويجب أن يواكب ذلك زخم إعلامي كبير؛ دعماً وتأييداً للفكر الجديد القابل للتحقيق على أرض الواقع.
نقطة أخيرة أود التعليق عليها، في زيارتي لملتقى الصحة العالمي، وجدت أن هناك تنافساً إيجابياً بين العارضين على تقديم كل جديد في علوم الرعاية الصحية والوقاية، والجديد المتطور الذي تقدمه الصحة القابضة، والقطاع الخاص الذي يضخ استثمارات هائلة في قطاع الصحة، وكان من الإيجابيات زيارة معالي وزير الصحة لعدد كبير من أجنحة العارضين والاستماع إليهم والتفاعل معم.