البنك الدولي يحث الدول النامية على شفافية «جذرية» بشأن «الديون الخفية»

حثّ البنك الدولي، في تقرير صدر يوم الجمعة، الدول النامية ومقرضيها على شفافية «جذرية» بشأن ديونها لتجنب الأزمات المستقبلية. ويرغب البنك في توسيع نطاق وتفصيل ما تفصح عنه الدول ذات السيادة بشأن القروض الجديدة، في ظل دخول مزيد منها في صفقات اقتراض معقدة خارج الميزانية؛ بسبب اضطرابات السوق العالمية.
وصرح أكسل فان تروتسنبرغ، المدير الإداري الأول للبنك الدولي، في بيان: «عندما تظهر الديون الخفية، يجفّ التمويل وتتدهور الشروط». وأضاف: «إن الشفافية الجذرية في الديون، التي تتيح الوصول إلى معلومات موثوقة وفي الوقت المناسب، أمر أساسي لكسر هذه الحلقة المفرغة».
ويريد البنك من الدول إجراء إصلاحات قانونية وتنظيمية تُلزم بالشفافية عند توقيع عقود قروض جديدة، ومشاركة بيانات ديون أكثر تفصيلاً. كما يريد البنك إجراء عمليات تدقيق أكثر انتظاماً، والكشف العلني عن شروط إعادة هيكلة الديون، وفتح الدائنين دفاتر قروضهم وضماناتهم. وتدعو هذه الدراسة إلى توفير أدوات أفضل للمؤسسات المالية الدولية للكشف عن التقارير الخاطئة.
ويضغط البنك الدولي والبنوك متعددة الأطراف الأخرى منذ سنوات لتحسين شفافية الإقراض. وتتجاوز نسبة الدول منخفضة الدخل التي تُبلّغ عن بعض بيانات ديونها 75 في المائة، بعد أن كانت أقل من 60 في المائة في عام 2020، لكن 25 في المائة فقط منها تُفصح عن معلومات على مستوى القروض.
ومع ارتفاع تكاليف التمويل؛ بسبب الحروب التجارية والمخاطر الجيوسياسية، يلجأ مزيد من الدول إلى ترتيبات مثل مقايضات البنوك المركزية والمعاملات المضمونة، مما يُعقّد عملية الإبلاغ. وقد لجأت السنغال إلى طرح ديون خاصة في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي بشأن التقارير الخاطئة عن ديونها السابقة، كما لجأت الكاميرون والغابون إلى ما تُعرف بالصفقات «العلنية». واضطرت أنغولا أخيراً إلى دفع هامش ربح بقيمة 200 مليون دولار بعد انخفاض حاد في أسعار سنداتها. وفي نيجيريا، كشف البنك المركزي في أوائل عام 2023 عن أن مليارات الدولارات من احتياطاته من النقد الأجنبي كانت مرتبطة بعقود مالية معقدة تفاوضت عليها القيادة السابقة.
وقال البنك إن توسيع نطاق تغطية القروض، وزيادة الإفصاح عن كل قرض على حدة، سيُمكّنان المجتمع الدولي من تقييم مدى تعرض الدين العام بشكل كامل.
وتأتي مناشدة البنك الدولي عقب أيام قليلة من تقرير آخر أفاد فيه بأن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاقتصادات النامية انخفضت إلى 435 مليار دولار في عام 2023، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2005، مع تدفق 336 مليار دولار فقط إلى الاقتصادات المتقدمة، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 1996.
وأوضح البنك الدولي أن ازدياد الحواجز الاستثمارية والتجارية، والتشرذم، والمخاطر الاقتصادية الكلية والجيوسياسية، تُضعف آفاق تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدول النامية، مما يُشكل تهديداً لجهود التنمية. وقال أيهان كوسي، نائب كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، في بيان صدر مع التقرير: «إن الانخفاض الحاد في الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاقتصادات النامية يجب أن يُدق ناقوس الخطر. وإن عكس مسار هذا التباطؤ ليس مجرد ضرورة اقتصادية، بل هو أمرٌ أساسي لخلق فرص العمل، وتحقيق النمو المستدام، وتحقيق أهداف التنمية الأوسع نطاقاً».
وأشار التقرير إلى أن حالات الركود العالمية والوطنية ارتبطت بتدهور كبير في الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث بدأ هذا الاستثمار في الضعف قبل أن يضرب الركود. وأضاف أن انخفاض الاستثمار الأجنبي قد ترك «فجوات هائلة في البنية التحتية دون سد» في البلدان النامية، مع تقويض الجهود المبذولة للقضاء على الفقر العالمي، وتلبية الاحتياجات الملحة المتعلقة بتغير المناخ.
وأكد كوسي الحاجة إلى إصلاحات محلية جريئة لتحسين مناخ الأعمال وتوسيع التعاون العالمي، مما قد يحفز زيادة معدلات الاستثمار عبر الحدود. وأشار التقرير، الذي يستند إلى بيانات عام 2023، وهي أحدث البيانات المتاحة، إلى أنه ينبغي على الاقتصادات النامية تخفيف القيود التي تراكمت في السنوات الأخيرة، وتعزيز التكامل التجاري، وتشجيع مزيد من الناس على المشاركة في الاقتصاد الرسمي.
وحثّ التقرير الدول على العمل معاً؛ لضمان توجيه تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاقتصادات النامية ذات الاحتياجات الاستثمارية الأكبر. وأصدر البنك الدولي التقرير بعد أسبوع من خفض توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي لعام 2025 بمقدار 0.4 نقطة مئوية إلى 2.3 في المائة، محذراً من أن ارتفاع الرسوم الجمركية وازدياد حالة عدم اليقين يُشكلان «عقبة كبيرة» لجميع الاقتصادات تقريباً.