البطريرك الراعي للمسؤولين:”أنتم لا تنتخبون عمدًا رئيسًا للجمهوريّة”
أشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، إلى “أنّنا نشكر الله على الهدنة الإنسانية في غزة، ونرجو ونصلّي أن تصبح بهمّة أصحاب الإرادات الحسنة، وقفًا دائمًا لإطلاق النّار، وبدايةً لحل المشاكل بالتّفاوض. كما نشكر الله على وقف التّوتّر في جنوب لبنان، ونصلّي من أجل أن يستعيد الجنوب هدوءه، فيكفينا قتالًا وتدميرًا وتهجيرًا”.
وتساءل، خلال ترؤّسه قدّاس الأحد في بكركي، “أين الرّجاء في حياة اللّبنانيّين؟”، لافتًا إلى أنّ “المسؤول الحقيقي الّذي يدرك واجب المسؤوليّة وقيمتها، هو الّذي يزرع الرّجاء في قلوب المواطنين صغارًا وكبارًا، وهو الّذي ينتزع كلّ يأس وإحباط وكفر من قلوب المواطنين. هكذا يفعل المسؤولون والنّافذون عندنا؟ بكلّ أسف لا”.
وتوجّه الرّاعي إليهم بالقول: “ضعوا أمام أعينكم مسؤوليّة زرع الرّجاء في قلوب جميع اللّبنانيّين، من خلال التّجرّد من مصالحكم الشّخصيّة والفئويّة والطّائفيّة، فتستعيد العائلة اللّبنانيّة جمال العيش بوحدتها في التّنوّع، والعيش معًا مسيحيّين ومسلمين، بالاحترام المتبادل والتّعاون”.
وركّز على “أنّنا لا نقبل أيّها المسؤولون السّياسيّون، أكنتم في الحكم أو خارجه، أن تتمادوا في انتزاع الرّجاء من قلوب الشّباب، ودفعهم إلى الهجرة، وكأنّكم تتفادون قيادتهم الرّشيدة في المستقبل”، مشدّدًا على “أنّنا لا نقبل بمواصلة انتهاك الدستور وتحديدًا المادّة 49 منه، على حساب قيام الدّولة والمؤسّسات. وأنتم لا تنتخبون عمدًا رئيسًا للجمهوريّة منذ سنة وشهر، فيما الأوضاع الإقليميّة الدّقيقة للغاية تفرض وجود حماية للدّولة بشخص الرّئيس”.
وأكّد أنّ “الرّياح تتّجه إلى ترتيبات في المنطقة، ولا نقبل برهن انتخاب رئيس الجمهوريّة لشخص أو لمشروع أو لغاية مرتبطة بالنّفوذ، ولا نقبل بحرمان الدّولة من رأسها، ولا بنتائج الحرمان”، موضحًا أنّ “المادّة 49 من الدّستور تنصّ على أنّ رئيس الجمهوريّة هو رئيس الدّولة ورمز وحدة الوطن. ولمّا حوّل اتفاق الطائف رئيس الجمهوريّة من رئيس للسّلطة الإجرائية، أراده رئيسًا للدّولة، أي للدّولة بأرضها وشعبها ومؤسّساتها، ولا سيّما المؤسّستَين الأساسيّتين مجلس النّواب ومجلس الوزراء؛ لجهة ضبط تناسق عملها”.
كما شدّد على “أنّنا لا نقبل ولو ليوم واحد بتغييب الرّئيس وفوضى الحكم وكثرة الرّؤوس”، جازمًا “أنّنا لا نقبل بمحاولات المسّ بوحدة الجيش اللبناني واستقراره وثقته بنفسه وقيادته لاسيّما أنّ البلاد وأمنها على فوهة بركان”. وخاطب المسؤولين، بالقول: “اذهبوا فورًا وفقًا للدّستور، وانتخبوا رئيسًا للجمهوريّة، فتُحَلّ جميع المشاكل السّياسيّة وتَسلم كلّ مؤسّسات الدّولة”.
وأضاف الراعي لقد اسعدنا، صباح الخميس الماضي، بزيارة وفد المجلس الإسلامي الشعي الأعلى برئاسة نائب رئيس المجلس الشيخ علي الخطيب، وعلى الأخص بتصريحه بشأن انتخاب رئيس للجمهوريّة، وبشأن مؤسّسة الجيش. ذلك أنّنا نتكلّم لغة واحدة، لأنّنا لا نتكلّم سياسيًّا بل وطنيًّا، ولأنّنا لا ندخل في تقنيّات العمل السياسي بل في أخلاقيّته على قاعدة الفصل بين الخير والشرّ. فلنجدّد أيّها الإخوة والأخوات، رجاءنا بالله، لأنّ هذا الرجاء لا يخيّب فهو نابع من قلب الله، له كلّ مجد وتسبيح وشكر، الآن وإلى الأبد، آمين”.