رأي

البرلمان الأوروبي القادم.. مقاعد أكثر ومكاسب متوقعة لليمين!

كتب بيرند ريغرت في DW.

سيتوجه 350 مليون مواطن من دول الاتحاد الأوروبي إلى صناديق الاقتراع هذا الأسبوع لانتخاب أعضاء البرلمان الأوروبي مباشرة. ومن المتوقع أن يكسب المتشككون في التكتل والقوميون المزيد من المقاعد، لكن من دون تحقيق أغلبية.

شاركت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، التي تنتمي إلى كتلة المسيحيين الديمقراطيين، بنشاط في الحملات الانتخابية في جميع الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الأخيرة تحت شعار “استخدم صوتك”. وحاولت خلال حواراتها في القاعات العامة والمدارس والجامعات، أن تشجع بالدرجة الأولى الناخبين الشباب على الإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان الأوروبي التي ستجرى في الفترة ما بين 6 و9 حزيران/ يونيو الجاري.

وقالت ميتسولا أمام تجمع للشباب في الدنمارك “الصورة التي ترونها في مخيلتكم للبرلمان الأوروبي، هي هذه المقاعد الزرقاء التي يتجاوز عددها 700 معقد. هذه المقاعد سيتم ملؤها سواء شاركتم في الانتخابات أو لا. لكن الآن لديكم الخيار، تستطيعون التأثير، يمكنكم أن تساهموا في تحديد من سيشغل هذه المقاعد أو لا يشغلها”.

حشد وتحريك 350 مليون ناخب يحق لهم المشاركة في ثاني أكبر انتخابات ديمقراطية في العالم بعد الهند، ليس بالأمر السهل. فنسبة المشاركة في الانتخابات السابقة عام 2019كانت حوالي 50 بالمائة.

وأشار الاتحاد الأوروبي إلى أن نسبة المشاركة هذا العام ستكون حوالي 60 بالمائة حسب استطلاع أجري في الربيع الفائت. إذن يمكن أن تكون نسبة المشاركة في هذه الانتخابات أعلى من السابقة. وتشير مختلف التيارات السياسية إلى أن هذه الانتخابات مهمة وبأنها “مصيرية” و “اختيار للاتجاه”.

وحسب الإحصائيات فإن تيار الوسط بمختلف تياراته، غالبا ما يكون هو المستفيد من نسبة المشاركة العالية في الاقتراع.

في الكثير من دول الاتحاد الأوروبي ومنها ألمانيا، سيطرت قضية الأمن والدفاع على الحملات الانتخابية في ضوء حرب روسيا ضد أوكرانيا. وحسب استطلاعات الرأي فإن السياسة الاقتصادية والاجتماعية هي الأكثر تأثيرا وحسما لقرار تصويت الناخبين، في جميع دول الاتحاد. في حين أن قضية الهجرة لم تلعب دورا حاسما في أي من دول التكتل السبع والعشرين.

توقعات بمكاسب انتخابية لليمين والمتشككين

نمو اليمين المحافظ المتشكك تجاه الاتحاد الأوروبي وحتى اليمين المتطرف، شغل المشاركين في الحملات الانتخابية في معظم دول الاتحاد. وبالنسبة للمستشار الألماني الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتس، فإن ذلك سبب لإطلاق تحذيرات  متشائمة.

وقال شولتس في رسالة انتخابية وجهها عبر الفيديو “يطالب بعض الشعبويين بخروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي، وآخرون يرون روسيا بوتين أو صين شي جينغبينغ، نموذج يحتذى به بالنسبة لأوروبا. ويريد آخرون تراجع الاتحاد الأوروبي، يا له من تدمير ذاتي مجنون. أوروبا والوحدة الأوروبية تضمنان رخاءنا ومستقبلنا”.

في فرنسا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا والنمسا وهنغاريا، يحتل اليمينيون المركز الأول لدى الناخبين. وفي ألمانيا وبولندا والسويد يمكن أن يحتل اليمين المركز الثاني أو الثالث على الأقل.

وفي ألمانيا، حسب أحدث الاستطلاعات، يتساوى تقريبا حزب “البديل اليميني الشعبوي” مع حزبي: الاشتراكي والخضر الحليفين في الائتلاف الحكومي، بحصول كل منها (الأحزاب) على نحو 15 بالمائة من أصوات الناخبين. في حين يحتل الاتحاد المسيحي المعارض الصدارة بـ 30 بالمائة.

ومن المتوقع أنيزداد عدد مقاعد اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي ليصل إلى نحو ما بين 21 و 25 بالمائة. لكن هذا لا يكفي لتحقيق أغلبية برلمانية.

مساعي ميلوني لتشكيل تحالف يميني

رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، التي هي أيضا رئيسة “مجموعة الأحزاب اليمينية الأوروبية” أعلنت أنها تريد تشكيل كتلة برلمانية في البرلمان الأوروبي وفق النموذج الإيطالي. وتحكم ميلوني إيطاليا منذ 18 شهرا على رأس ائتلاف حكومي يميني يضم شعبويين ومتطرفين ومسيحيين ديمقراطيين.

وهي تسعى لتفكيك تحالف الوسط الكبير غير الرسمي في البرلمان الأوروبي والمكون من الاشتراكيين الديمقراطيين والمسيحيين الديمقراطيين والليبراليين.

وقالت في هذا السياق خلال مشاركتها بحملة انتخابية في إسبانيا “نحن على أعتاب انتخابات حاسمة، لأول مرة يمكن للانتخابات الأوروبية أن تنهي الأغلبيات غير الطبيعية والأغلبيات الهدامة. يجب أن نحافظ على تركيزنا ونبقى ثابتن على الأرض، وأبصارنا متجهة إلى الأفق”.

وتريد ميلوني تشكيل كتلة يمينية قومية في البرلمان الأوروبي مع الفرنسية اليمينية الشعبوية مارين لوبان ورئيس الوزراء الهنغاري اليميني القومي فيكتور أوربان وحزب بيس البولندي اليميني وأحزاب يمينية أخرى، فالآن هناك مجموعتان يمينيتان.

المسيحيون الديمقراطيون يغازلون اليمين

لا تستبعد رئيسة المفوضية الأوروبية الحالية، أورسولا فون دير لاين التي تنتمي إلى المسيحيين الديمقراطيين، التعاون مستقبلا مع ميلوني وشركائها من التيار اليميني. فقد قالت فون دير لاين في العديد من المقابلات التلفزيونية، إن الأمر لا يتعلق بالانتماء الحزبي، وإنما فيما إذا كان أعضاء البرلمان يؤيدون أوكرانيا ويدافعون عن القيم الأوروبية أم لا.

وقالت عن ميلوني “إنها مؤيدة لأوروبا بشكل واضح تماما، وهي ضد بوتين وقد صرحت بذلك بكل وضوح. وهي تؤيد سيادة القانون. إذا بقي الأمر على حاله، سنقدم عرضا للتعاون”.

انتقد الاشتراكيون الديمقراطيون والخضر والليبراليون،سياسة فون دير لاين الجديدةهذه. وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن الاشتراكيين الديمقراطيين والمسيحيين الديمقراطيين سيحصلون تقريبا على نفس عدد المقاعد التي يشغلونها الآن في البرلمان الحالي. في حين سيخسر الخضر والليبراليون واليساريون. وعدد المقاعد في البرلمان القادم سيكون 720 مقعدا أكثر بـ 15 معقدا من البرلمان الحالي.

سلطة البرلمان محدودة

ومهما كان شكل التحالفات القادمة بعد تشكيل الكتل البرلمانية، فإن البرلمان الأوروبي يبقى واحدا من مؤسستين تشريعيتين متساويتين. فالبرلمان لا يستطيع أن يقرر بمفرده ولا أن ينتخب حكومة (المفوضية)، وإنما يعتمد على التعاون مع “مجلس الاتحاد الأوروبي” الذي يتكون من ممثلي جميع الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وفي نفس الوقت يعتمد المجلس على التعاون مع البرلمان.

وتقليديا تجرى انتخابات البرلمان الأوروبي خلال أربعة أيام، هذه الانتخابات تبدأ في السادس من يونيو/ حزيران في هولندا وتنتهي يوم الأحد التاسع من يونيو/ حزيران، والنتائج الأولية التي يمكن الاعتماد عليها ستظهر في الساعة الحادية عشرة ليلا بتوقيت وسط أوروبا، حيث تكون الانتخابات قد انتهت وأغلقت صناديق الاقتراع في كل الدول.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى